مجد البنادق يغير قواعد اللعبة السياسية ، ويلقي بظلاله على مجرى الحرب. .!

         بقلم

عبدالله رزق ابوسيمازه

لا يخلو سيناريو إحلال المليشيات محل الأحزاب والتنظيمات السياسية ، في تشكيل حكومة ، يراد لها أن تكون مدنية ، من ابتداع حد الدجل ، ومن طرافة قاتلة ،  تتقصد عسكرة الفضاء السياسي ، تحت شعار : ” المجد البنادق ” . غير أن تسمية حكومة حرب ، بحكومة الامل ، لا يخلو ، هو الآخر ، من تطرف رومانتيكي  وفنتزة ، ومع ذلك  فأن هذا التطور السياسي- العسكري ، الاستثنائي ، ستكون له انعكاساته ، بلا شك ، على واقع الحرب وتطوره الميداني  . لقد ترك حملة السلاح مواقعهم ، في كازقيل ،غالبا، وربما في غيرها ، من خطوط المواجهة ، للحاق بقسمة السلطة في بورتسودان . من المتوقع أن يكون الحوار ، غير المسبوق ، الذي إدارته الأطراف المعنية ، فيما بينها ، حول انصبة الغنائم السيادية ، مثالا لما يمكن أن يتوقعه المراقب ، ممن يمجدون البندقية ، ويرون فيها السبيل الوحيد المؤدي لنوال السلطة السياسية ، منذ ماو تسى تونغ ، والذي يرهص بحرب جديدة  داخل حرب قديمة على السلطة ، لم تنته.

لا شك أن المراقبين ، خارج اسوار الملعب التنافسي ، قد حبسوا أنفاسهم ، واشفقوا اشفاقا ، وهم يلاحظون صعوبة التوافق حول الوزارات المهمة ، مثل المالية والمعادن والبترول والحج والعمرة والخارجية ، تحت تأثير توازن القوى العسكرية  للأطراف الفاعلة في مجرى الحوار ، ومناوراتها ، التي قد  تنعكس في الميدان وفي مسارح العمليات ، لعبا بديعا ، غير مسبوق ، بالنار !

يجدر بالانتباه ، ان رئيس الوزراء ، كامل الصلاحيات ، كما قيل ، هو الوحيد الذي لايملك مليشيا ، حتى أنه لم يحتفظ لنفسه بوزارة الدفاع ، على الاقل ، كما يفعل الكثير من رؤساء الحكومات في العالم ، وان كره البرهان ، ليعزز مركزه في مواجهة أمراء الحرب ، وزرائه المحتملين  ، الأمر الذي من شأنه أن يجرده من التأهيل الفني لتولي المنصب ، ومن  القدرة على المناورة  وسط المسلحين ، وعلى التأثير في عملية التشكيل الوزاري ، خاصة ، بما تقتضيه من مساومات ، وفي اللعبة السياسية ، عامة ، وقد تغيرت قواعدها ، على نحو مميت ، جذريا ، بحيث تقترب من الروليت الروسي ، وما في حكمه ، مما يحتم توقع  معطيات ونتائج   غير كلاسيكية  .(يحكي مالكولم إكس،  في مذكراته ، كيف حسم مسألة الزعامة ، في عصابة كونها ، بمبادرته بأداء هذه اللعبة .)

معركة ذات الكراسي ، التي دارت بعيدا عن ساحات الوطنية و الكرامة المزعومتين ، كانت مناسبة ، لاختبار القدرات  والقوى العسكرية ، لكل من الأطراف المعنية بقسمة غنيمة السلطة والثروة ، حيث بدا – بالمعيار العسكري ، لا بالثقل الانتخابي ، بتعبير السيد الصادق المهدي – أن بعض المليشيات اقوى من البعض الآخر، ومن ثم ، أمضى إرادة   . وهو أمر له مغزاه ، في الصراع من أجل السلطة ، مثلما له تأثيره في إدارة الشأن العام من موقع الحكم . وان ثمة مليشيات لا وزن لها،  سيكون عليها أن تعيد بناء نفسها ، قوتها الذاتية ، ليكون لها نصيب في الحكم ، أن ارادت . وان  المليشيات الحاكمة ، يتعين عليها أن تحافظ على مكاسبها ، بتطوير قدراتها ،  والحفاظ على مركزها المتقدم . وقد تضطر القوى العسكرية المتعددة لأن تخوض معارك تكتيكية فيما بينها ، في إطار ” الانتخاب الطبيعي ” ، حسب داروين ، للاقوى ، وللابقى . من معطيات التجربة القريبة  ، ان صناعة المليشيات ، وتكاثرها ، تحت رعاية سلطة الأمر الواقع  واشرافها ، كما هو حادث الان ، في المناطق الواقعة تحت سيطرتها ، بشكل خاص ، أمر خطر ، وكذلك اقحامها في السياسة ، غير ان خروج هذه المليشيات من سيطرة الصانع ، وتمردها على ضبط المصنع ، هو الأمر الأشد خطورة  . ففي البدء ، مثلا ، كان موسى هلال ، وحرس الحدود . ثم كان حميدتي والدعم السريع ، وبعد ذلك ، حدث ما حدث…

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.