الثلاثين من يونيو.. ذاكرة لا تموت

بقلم: د. أحمد الليثي

#ملف_الهدف_الثقافي

في يوم الثلاثين من يونيو، لم يكن الشارع مجرّد طريق، بل كان ذاكرة تمشي على قدمين، وغضبًا يهتف باسم الشهداء. كان التراب يرتجف من وقع الخطى، وكأن الأرواح المنفية عادت لتطالب بالحياة التي سُرقت. في ذلك اليوم، لم يخرج الناس من بيوتهم، بل خرجوا من جراحهم. لم يحملوا لافتات، بل حملوا نعوش أحلامهم التي اغتالتها البنادق. كانوا يعرفون أن الرصاص ينتظرهم، لكنهم مضَوا، لأنّ السكوت كان خيانة، ولأن الخوف صار رفاهية لا يملكها من كبروا على صدى البنادق لا على صوت الحياة.

كان الثلاثون من يونيو عام ألفين وتسعة عشر علامةً فارقة، ليس في حسابات السياسة، بل في ضمير الأمة. خرج الشباب والنساء والشيوخ، لا ليحتفلوا، بل ليقاوموا النسيان. خرجوا ليقولوا: إنّ الدم لا يجفّ بالمساومات، وإنّ العدالة ليست وجبةً باردة على مائدة العسكر. في تلك اللحظة، لم يكن الموت نهاية، بل كان طريقًا للمجد. كلّ قطرة دم كانت توقيعًا جديدًا على وثيقة الثورة، وكلّ شهيد كان حجرًا آخر في بناء الوطن الذي لم يولد بعد.

إنّ الثلاثين من يونيو ليس ذكرى فقط، بل سؤال معلّق: هل نملك الشجاعة لنكمل الطريق؟ أم نترك الحلم وحيدًا، يموت على عتبة التاريخ؟

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.