
نيويورك: الهدف
أطلقت مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، تحذيرًا شديد اللهجة من تحول الصراع الجاري في السودان إلى “حرب إقليمية شاملة تتجاوز حدوده الجغرافية”، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لكبح تدهور الوضع الإنساني والأمني في البلاد.
وجاءت تصريحات بوبي خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، في جلسة مخصصة لمتابعة تطورات الأزمة السودانية، انعقدت اليوم الجمعة في نيويورك، حيث وصفت الأوضاع في السودان بـ”الخطيرة وغير المستقرة”، محذرة من استمرار تجاهل المجتمع الدولي لتداعيات النزاع على المدنيين والمنطقة بأسرها.
وضع أمني “مزري”.. وسلاح متطور
أكدت المسؤولة الأممية أن خطوط المواجهة تتغير بشكل متسارع، وسط تصاعد القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، التي وصفت هجماتها بـ”العشوائية” و”المستهدفة للمدنيين والبنية التحتية”. كما عبّرت عن قلق بالغ من الانتشار المتزايد للطائرات المسيّرة والأسلحة المتطورة، والتي مكّنت أطراف النزاع من توسيع دائرة العمليات العسكرية إلى مناطق ظلت مستقرة نسبيًا.
وأشارت إلى أن الهجمات الجوية المكثفة على المناطق المأهولة بالسكان تسببت في مقتل وإصابة مئات المدنيين ونزوح الآلاف، في حين تعاني المستشفيات من التدمير ونقص الخدمات، مما يزيد من تعقيد الكارثة الإنسانية.
تمدد الصراع.. من دارفور إلى الحدود الليبية
في تحذير واضح من الأبعاد الإقليمية للصراع، كشفت بوبي عن اشتباكات متزايدة في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، شاركت فيها قوات سودانية رسمية وغير رسمية، إضافة إلى مقاتلين مرتبطين بـ”الجيش الوطني الليبي”.
كما رصدت الأمم المتحدة نشاطًا عسكريًا لقوات الدعم السريع في منطقة أبيي المتنازع عليها، مما يهدد بنسف الاستقرار الهش بين الشمال والجنوب، إلى جانب وجود عناصر تابعة للدعم السريع في شمال شرق جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تورطت في تجنيد مقاتلين محليين، وفق تقارير أممية.
واتهمت بوبي عناصر سودانية مسلحة بشن هجوم على قوات حفظ السلام التابعة لبعثة “مينوسكا”، أدى إلى مقتل أحد الجنود وإصابة آخر بجروح خطيرة، ما وصفته بـ”مؤشر خطير على تدهور الأوضاع العابرة للحدود”.
انتهاكات مروعة.. وتصاعد الإفلات من العقاب
قالت المسؤولة الأممية إن معدلات القتل التعسفي والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي في السودان بلغت مستويات صادمة، موضحة أن عمليات القتل الميداني بين فبراير وأبريل الماضيين تضاعفت ثلاث مرات مقارنة بالأشهر السابقة. وأشارت إلى توثيق عمليات إعدام خارج القانون بحق مدنيين اتُهموا بالتعاون مع طرفي النزاع.
كما أعربت عن فزعها من تنامي جرائم العنف الجنسي، بما في ذلك الاعتداءات على الأطفال، والاعتداءات على عمال الإغاثة، معتبرة أن إفلات الجناة من المحاسبة يهدد بتكرار الجرائم وتوسيع نطاقها.
قلق من الانقسامات السياسية.. ودعوات لدعم جهود الوساطة
توقفت بوبي عند تشكيل الحكومة السودانية برئاسة كامل إدريس، مؤكدة أن الخلافات داخل تحالفات القوى المتصارعة، لا سيما داخل تحالف “تأسيس” المرتبط بالدعم السريع، حول فكرة تشكيل “حكومة موازية” في مناطق نفوذه، يعكس حجم الانقسام داخل الساحة السياسية، ويزيد من تعقيد المسار الانتقالي.
ودعت جميع الأطراف إلى التمسك بوحدة السودان وسلامة أراضيه، والعمل على تشكيل قيادة مدنية تمهّد لانتقال سياسي شامل ومستدام، داعية الدول المؤثرة في الملف السوداني إلى ممارسة ضغوط فاعلة على الأطراف المتحاربة، ودعم جهود المبعوث الأممي الخاص إلى السودان، رمطان لعمامرة.
تحذير ختامي.. لا مزيد من التساهل مع الكارثة
أنهت بوبي إحاطتها بتوجيه نداء إلى أعضاء مجلس الأمن، مفاده أن استمرار الصمت الدولي سيؤدي إلى انفجار إقليمي واسع، قائلة: “لا يمكننا تحمل المزيد من انعدام الاستقرار. الصراع في السودان لم يعد شأناً داخلياً فقط، بل تهديدًا صريحًا للسلم والأمن الإقليمي والدولي”.
Leave a Reply