حرب 15 أبريل: صمتٌ مريب على مصير النساء السودانيات.. إلى أين ذهبن؟

بقلم: شيماء تاج السر

مع توالي الكشف عن أسماء الأسرى والمعتقلين في السودان عقب اندلاع حرب 15 أبريل، بات واضحًا أن قوائم المعتقلين تقتصر على الرجال فقط، وسط غياب تام لذكر النساء. هذا الصمت المريب يُثير تساؤلات مقلقة: أين ذهبت النساء المفقودات خلال هذه الحرب؟ ولماذا لا يظهر لهن أي أثر رغم توثيق العديد من حالات الاختطاف والانتهاكات الخطيرة ضدهن؟

المرأة السودانية.. هدفٌ في هذه الحرب

تشير الوقائع إلى أن المرأة كانت من الفئات الأكثر تعرضًا للانتهاكات. فبين الخطف، الاغتصاب، التسخير الجنسي، والعمل القسري، نجد أن قوات الدعم السريع (الجنجويد) جعلت من النساء أدوات استغلال وانتهاك صارخ. ومع ذلك، لا نجد أي إشارات رسمية أو وثائقية عن مصيرهن ضمن سجلات الاعتقال التي ظهرت عند خروج الجنجويد من الخرطوم، والتي حوت أعدادًا كبيرة من أسماء المعتقلين والأسرى من الرجال. كما تم نشر الكثير من الفيديوهات الموثقة بواسطة الجيش للمعتقلين، ولم نرَ فيها نساء.

لذلك، يظل السؤال مُلحًا: هل تم قتل النساء بعد استغلالهن؟ أم تم بيعهن أو استعبادهن جنسيًا؟ هل لا تزال بعضهن محتجزات في أماكن سرية؟ هل هناك من تم تسخيرهن لإعداد الطعام أو لخدمة المقاتلين؟ أم أن هذا الصمت المتعمد هو محاولة للتستر على جرائم قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية؟

الواقع المؤلم يضعنا أمام احتمالين كلاهما مرّ: فإما أن النساء قد خضعن لانتهاكات جسيمة انتهت بتصفيتهن أو إخفائهن قسرًا دون تدوين مصيرهن، أو أن الجناة لم يجدوا “ضرورة” لاعتقالهن، مكتفين بانتهاك أجسادهن وأرواحهن دون منحهن حتى صفة “أسيرة” أو “معتقلة”. فما مصير الطبيبات اللاتي خُطفن؟ وأين النساء اللاتي أُجبرن على الخدمة داخل معسكرات الجنجويد؟

والأسوأ أن يُستخدم غياب المرأة عن السجلات كذريعة لاتهامها بالتعاون مع الجناة، رغم أن الظروف تشير إلى أنهن كنّ ضحايا لعنف مسلح منظم، لا يملكن حيالَه دفاعًا سوى الصمت أو الموت.

دعوة للتركيز على المفقودات والمختفيات قسرًا

آن الأوان لتحويل الأنظار إلى النساء المفقودات في هذه الحرب. هؤلاء لا يمكن تجاهل مصيرهن، ولا بد من فتح تحقيقات شفافة حول حالات الاختفاء القسري والانتهاكات الجنسية. فكل امرأة مختطفة أو مغتصبة هي شاهدة حية على فصول مأساوية من هذه الحرب، ولا يجوز أن تُمحى قصصهن من الذاكرة الوطنية أو تُغلفها السرية والصمت.

المرجعية القانونية.. حماية النساء في النزاعات المسلحة

اتفاقيات جنيف الأربعة، والبروتوكولات الملحقة بها، أكدت بوضوح على ضرورة حماية النساء أثناء النزاعات المسلحة. فقد نصّت على:

معاملة النساء بمعايير لا تقل عن معاملة الرجال (اتفاقية جنيف الثالثة، المواد 14 و16 و88).
احتجاز النساء في أماكن منفصلة وتحت إشراف نسائي مباشر (اتفاقية جنيف الرابعة، المواد 76، 85، 124).
الحظر التام للاغتصاب والإكراه على البغاء والمعاملة المهينة (البروتوكول الثاني، المادة 4-2 هـ).
عدم إصدار حكم بالإعدام على الحوامل أو أمهات الأطفال الصغار (البروتوكول الثاني، المادة 6-4).
في الختام:
يا عازة، أنتِ أساس، شرفكِ محال ينداس.

المرأة السودانية لم تكن طرفًا في هذه الحرب، لكنها تحمّلت أقسى تبعاتها. من واجب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية تكثيف الجهود لتقصي مصير المفقودات ومحاسبة المتورطين في هذه الجرائم البشعة. فصمتنا عن مصيرهن يعني تواطؤًا مع الجريمة.

#المفقودات_السودانيات
#العدالة_للنساء_السودانيات

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.