
باتت أجواء منطقة الشرق الأوسط شبه خالية من الطائرات المدنية منذ بدء الحرب الإيرانية “الإسرائيلية” في “13” من شهر يونيو الجاري، وفي مشهد يعكس تصاعد التوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط، بعدما تحولت السماء إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين طهران و”واشنطون وإسرائيل”.
واستهدفت ضربات أميركية منشآت نووية إيرانية أمس الأحد “22” يونيو، وجاء الرد الصاروخي الإيراني الذي تبعها على “إسرائيل”، مما دفع شركات الطيران الكبرى إلى تأكيد تجنب الطيران فوق منطقة الشرق الأوسط فوراً والتي باتت تصنف “نقاط خطر حمراء” في عالم الطيران.
وتشهد خريطة الملاحة الجوية العالمية لأول مرة منذ سنوات، تحولات مفاجئة ومكلفة، مع تغييرات في المسارات الجوية وزيادة في زمن الرحلات وتكاليف التشغيل، مما يلقي بظلاله على شركات الطيران والمسافرين معاً. فكيف أثّرت هذه التطورات العسكرية على حركة النقل الجوي؟ وما الذي ينتظر قطاع الطيران إذا استمر التصعيد؟
تداعيات خطيرة على حركة الملاحة الجوية:
كان للهجوم الأميركي الأخير على المواقع النووية الإيرانية تداعيات بالغة على قطاع الطيران العالمي، حيث اضطرت كبرى شركات الطيران حول العالم إلى إعادة توجيه رحلاتها بعيداً عن مساحات واسعة من المجال الجوي في الشرق الأوسط، تفادياً لمخاطر التصعيد العسكري وتبادل الصواريخ المستمر في المنطقة، و”فقاً لصحيفة إندبندنت البريطانية”.
وبحسب بيانات من موقع تتبع الرحلات الجوية “فلايت رادار24” (FlightRadar24) كان التجنب المستمر لهذه الممرات الجوية الرئيسية واضحاً بالأمس.
وأكد الموقع هذا الوضع على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” قائلاً إنه في أعقاب الهجمات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية “تعمل حركة المرور التجارية في المنطقة كما كانت منذ فرض قيود جديدة على المجال الجوي الأسبوع الماضي” وفقاً لوكالة رويترز.
مسارات بديلة وتكلفة باهظة:
وقالت منظمة “المجال الجوي الآمن” (safe airspace) -وهي موقع إلكتروني قائم على العضوية تديره مجموعة “أو بي إس قروب”- إن الهجمات الأميركية على إيران قد تزيد المخاطر على المشغلين في المنطقة.
وبحسب موقع “فلايت رادار24” فإن طائرات شركات الطيران مثل “يونايتد إير لاينز” (United Airlines) و”أميركان إيرلاينز” (American Airlines) تتجنب المناطق عالية الخطورة، بما في ذلك إيران والعراق وسوريا و”إسرائيل”.
وأظهرت بيانات التتبع المباشر للموقع الإلكتروني (فلايت رادار24) غياباً واضحاً للرحلات الجوية التجارية فوق إيران والعراق وسوريا ولبنان و”إسرائيل” والكويت والأردن، وعوضاً عن ذلك، اختارت شركات الطيران مسارات بديلة، إما شمالاً عبر بحر قزوين أو جنوباً عبر مصر والسعودية.
ورغم ضمان هذه التحويلات للسلامة، فإنها تأتي بتكلفة باهظة، إذ تؤدي إلى:
ارتفاع تكاليف الوقود.
زيادة تكاليف الطاقم.
صعود تكلفة التأمين على الرحلات.
إطالة أوقات رحلات الركاب والبضائع.
الخطر قد يمتد لدول أخرى بالمنطقة:
وأكد موقع “فلايت رادار24” أن شركات الطيران تتعامل حالياً مع المجال الجوي فوق عدة دول شرق أوسطية على أنه محظور، بما في ذلك دول غير متورطة بشكل مباشر في الصراع الأخير. ويجري حالياً إعادة توجيه المسارات بشكلٍ نشط، مما يؤثر على الرحلات الطويلة التي تربط أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وحذرت منظمة “المجال الجوي الآمن” (safe airspace) من أن التهديدات المحتملة قد تمتد الآن إلى دول الخليج، بما في ذلك البحرين وعُمان والإمارات.
ورداً على عدم الاستقرار المتزايد، علقت شركة أميركان إيرلاينز “إيه إيه” (AA) خدماتها إلى قطر، بينما أوقفت شركة يونايتد إير لاينز “يو إيه” (UA) رحلاتها إلى دبي وفقاً لمنصة “أفييشن 2 زد” (Aviationa2z).
ورغم عدم وقوع أيّ هجمات مباشرة على الطائرات المدنية، لا يزال مشهد التهديدات متقلباً.
وتراقب شركات الطيران والحكومات على حدٍ سواء تطورات الوضع عن كثب.
الرحلات الجوية عبر السعودية “1400” رحلة يومياً:
وفي أعقاب الهجوم “الإسرائيلي” على إيران، ارتفعت الرحلات الجوية فوق السعودية من متوسط “700” رحلة يومياً منتصف مايو/أيار إلى “1400” رحلة يومياً منذ إغلاق المجال الجوي الإيراني والعراقي في “13” يونيو/حزيران، وفقاً لموقع “فلايت رادار24”.
كما ارتفعت حركة الطيران فوق أفغانستان من متوسط “50” رحلة يومياً في مايو/أيار إلى “280” رحلة يوميا منذ “13” يونيو/حزيران. وتأتي هذه الزيادة في حركة الطيران بالتزامن مع إصدار منطقة كابل الجوية إشعاراً بالهبوط (NOTAM) يُبلغ الرحلات الجوية باحتمالية توقفها أثناء الرحلة نظراً لضرورة توفير تباعد بين الطائرات وفقاً للمصدر السابق.
شركات الطيران العربية الأكثر تضرراً:
تضررت شركات الطيران العالمية التي تسير رحلات منتظمة إلى المنطقة بشكل كبير، ولكن الضرر الأكبر وقع على شركات الطيران المحلية العربية العاملة في المنطقة، وعلى سبيل المثال عادةً ما تمر الغالبية العظمى من رحلات قطر إلى أوروبا وأميركا الشمالية عبر العراق، بينما تمر رحلات طيران الإمارات عبر العراق وإيران، وقد تعطل هذان المساران حالياً.
وقد أدى فقدان شركة “فلاي دبي” لإمكانية عبور المجال الجوي الإيراني إلى زيادة أوقات رحلاتها، إذ يتعين عليها الآن التوجه شرقاً عبر باكستان وأفغانستان للوصول إلى دبي، وعلى سبيل المثال، زادت مدة رحلات الشركة من دبي إلى موسكو من حوالي “5” ساعات إلى ما يقرب من “7” ساعات.
وحتى قبل الحرب الأخيرة، كانت خيارات شركات الطيران للسفر بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا محدودة، إذ يمر مسار الدائرة الكبرى (أو أقصر مسار في العالم) بين أوروبا وآسيا عادة عبر أوكرانيا أو روسيا، وهو مجال جوي غير متاح حالياً لجميع شركات الطيران “في حالة أوكرانيا” وجميع شركات الطيران الغربية “في حالة روسيا”.
وقد أدى ذلك إلى تضييق نطاق حركة المرور في مساحة محدودة فوق البحر الأسود شمالاً وعبر السعودية جنوباً، ومع اتساع الصراع في الشرق الأوسط وإغلاق مسارات جوية إضافية، قد تكون الآثار على الطيران التجاري وخيمة.
#الصورة المرفقة: حركة الطيران أمس الأحد “22” يونيو/حزيران “فلايت رادار 24”
Leave a Reply