بعيدًا عن الرؤية.. قريبًا من الواقع

بقلم: أبو صدام

يجب أن نقر ابتداءً بأن القوى المدنية مجتمعة ضعيفة في مواجهة تحالف البنادق، وتفتقر إلى مصادر قوتها المتمثلة في الفعل الشعبي. هذا الضعف ناتج عن التهجير، التشريد، والدمار الذي أصاب المجتمعات في الحضر والريف، بالإضافة إلى تمزق العلاقات الاجتماعية.

إن لجوء تحالف القوى المدنية إلى الخارج لن يتيح له سوى فرص العمل السياسي والدبلوماسي المحدود التأثير، ويحوله إلى عالة على الخارج، ويجعل رهانه معقودًا عليه. ويعبر تكوين التحالف وتمويله عن هذا الارتباط الذي يقيد التحالف ويضيق هامش تحركه.

التعويل على التفاوض كسبيل وحيد لإنهاء الحرب واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي، وفق التحالف، يقتصر على الدعم السريع والجيش. في حين أن هناك قوى خارجية، بلدان معلومة، هي جزء من النزاع، بجانب الإسلاميين الذين يتفق الكثيرون على دورهم في إشعال الحرب والتأثير على قيادة الجيش وتعطيل كل مساعي وقف الحرب.

استيعاب القوى الخارجية والتفاوض معها ضروري لإقناعها بدعم رؤى التحالف، والاطمئنان إليه، وإلى أن مصالحها لن تتضرر إذا آلت السلطة للتحالف. من الناحية الأخرى، فإن تجاهل الإسلاميين مع الإقرار بقدرتهم على التخريب والتدمير وإشعال الفتن وتقويض السلام، ليس هو الإجابة الصحيحة لسؤال: كيف يتم التعامل مع الإسلاميين وفق رؤية التحالف. تكتيكيًا، ينبغي تفكيك الإسلاميين، وعدم إبقائهم كتلة موحدة، واستقطاب قسم منهم واستخدامه في ضرب قسم ثانٍ، وتحييد قسم ثالث.

في التفاوض، يبرز السؤال حول كيفية إقناع طرفي الحرب، الجيش والدعم السريع، بالتخلي عن مكاسبهم التي حققوها من خلال الحرب، دون مقابل، ودون ضمانات بعدم تقديمهم للمحاكمة بسبب ما ارتكبوه من جرائم. وكيف يمكن إقناعهم بالاندماج في جيش وطني واحد. والأهم، كيف يمكن إقناعهم بإعادة توحيد الوطن الذي تقاسموه، قبل أن يندمجوا في الجيش الواحد، بما يتطلبه كل ذلك من تنازلات لابد أن تكون متبادلة، وليست من جانب واحد، يشمل ذلك استبعاد مشاركتهم في السلطة.

كان هدف الإسلاميين من تخريب المرحلة الانتقالية وإشعال الحرب هو العودة للسلطة. وفي حال التفاوض، فإنهم يأملون كحد أدنى المشاركة في العملية التفاوضية، وفي إدارة المرحلة الانتقالية.

أعتقد أن رؤية التحالف تغرق في المسائل النظرية، وتهمل الأسئلة الملحة التي يطرحها الواقع. وسيكون أهم مختبر لهذه الرؤية هو مدى قبولها من طرفي الحرب الأساسيين، الجيش والدعم السريع.