
بقلم: شيماء تاج السر
في مثل هذا اليوم من كل عام، يسلط العالم الضوء على معاناة اللاجئين حول العالم. إلا أن هذا العام يحل اليوم العالمي للاجئ بينما تعيش نساء السودان واحدة من أكبر موجات اللجوء والنزوح في تاريخ البلاد، إثر اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، التي دفعت بمئات الآلاف من السودانيات إلى عبور الحدود طلبًا للأمان وأقل مقومات الحياة لهن ولأسرهن.
وبين تحديات اللجوء وأمل النجاة، تبرز أهمية التذكير بالاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التي تضمن حماية اللاجئين، وخاصة النساء، باعتبارهن من أكثر الفئات تضررًا في أوقات النزاعات المسلحة.
اتفاقية 1951 وبروتوكول 1967: أساس الحماية الدولية
تُعد اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وبروتوكولها الملحق لعام 1967، حجر الزاوية في القانون الدولي لحماية اللاجئين. فقد حددت هذه الاتفاقية من هو اللاجئ، ووضعت الأسس القانونية لضمان حقوقه والتزاماته في بلد اللجوء، مع التأكيد على ضرورة معاملته دون تمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين.
ويمثل بروتوكول 1967 تحديثًا جوهريًا للاتفاقية، حيث ألغى القيود الزمنية والجغرافية التي كانت تحد من نطاق تطبيق الاتفاقية، ما جعلها أداة حماية أكثر شمولًا، خاصة في النزاعات المعاصرة مثل الوضع في السودان.
اتفاقيات دولية تعزز حقوق اللاجئات
في سياق حماية النساء اللاجئات، لا تقتصر المنظومة القانونية على اتفاقية اللاجئين، بل تمتد لتشمل عددًا من الاتفاقيات الدولية الأخرى:
- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW): تضمن هذه الاتفاقية حقوق المرأة وتحظر كافة أشكال التمييز ضدها، بما في ذلك في حالات اللجوء، وتدعو إلى تمكين المرأة في كل مجالات الحياة.
- اتفاقية مناهضة التعذيب: تحظر هذه الاتفاقية كافة أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة، والتي قد تتعرض لها النساء اللاجئات سواء أثناء النزوح أو في مراكز الاستقبال.
- البروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف: تمنح هذه البروتوكولات النساء حماية خاصة أثناء النزاعات المسلحة، وتركز بشكل خاص على حمايتهن من العنف الجنسي والانتهاكات الجسيمة.
تحديات قاسية تواجهها النساء اللاجئات السودانيات
مع عبور آلاف السودانيات إلى دول الجوار مثل تشاد، جنوب السودان، مصر، وإثيوبيا، تتكشف يوميًا التحديات التي تواجههن في رحلة اللجوء الشاقة. وأبرز هذه التحديات:
- العنف القائم على النوع الاجتماعي: تعاني العديد من النساء اللاجئات من مخاطر العنف الجنسي والعنف المنزلي، سواء خلال رحلة النزوح أو داخل مخيمات اللجوء.
- التمييز: تواجه اللاجئات صعوبات كبيرة في الحصول على التعليم، الرعاية الصحية، وفرص العمل، وغالبًا ما يتم تجاهل احتياجاتهن الخاصة في البرامج الإنسانية.
- انعدام الخدمات الأساسية: كثير من النساء، خاصة الحوامل أو الأمهات، يعانين من نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الطبية والمأوى، مما يضاعف من هشاشتهن.
لماذا حماية المرأة اللاجئة ضرورة إنسانية وتنموية؟
حماية المرأة اللاجئة لا تُعد فقط التزامًا قانونيًا وفق الاتفاقيات الدولية، بل هي واجب أخلاقي وإنساني يعزز قيم العدالة والمساواة. فالنساء اللاجئات، إذا ما تم تمكينهن وتوفير الحماية لهن، يمكن أن يصبحن عناصر فاعلة في مجتمعاتهن الجديدة، ويسهمن في التنمية والاستقرار.
دور الأمم المتحدة في حماية اللاجئات
تلعب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) دورًا رئيسيًا في توفير الحماية والمساعدات الإنسانية للاجئين، مع إعطاء أولوية خاصة للنساء والفتيات. كما تتابع اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة تنفيذ اتفاقية “سيداو” وتعمل على رصد أوضاع النساء اللاجئات وتقديم التوصيات لضمان حقوقهن.
ختامًا
يأتي اليوم العالمي للاجئ هذا العام والسودانيات يتصدرن مشهد المعاناة، في ظل نزاع دموي طال أمده. إن التزام المجتمع الدولي بحماية اللاجئات يجب ألا يقتصر على الشعارات والاحتفاء بالمناسبات، بل يتطلب تحركًا جادًا لترجمة القوانين إلى واقع ملموس يحفظ للمرأة اللاجئة كرامتها وحقوقها ويمنحها الأمل في مستقبل أفضل.
Leave a Reply