
حذرت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين في السودان، في تقرير حديث صادر اليوم، 17 يونيو 2025، طالعته “الهدف”، من كارثة إنسانية وشيكة في إقليم دارفور، الذي وصفته بأنه “تمزق بشكل شبه كامل” و”يوشك على الخروج عن السيطرة”. يغطي التقرير الأوضاع الإنسانية والصحية والأمنية المتردية في الإقليم منذ أبريل الماضي وحتى الآن.
أزمة إنسانية كارثية: الجوع يهدد الملايين ومخاوف من فصل الخريف
يرسم التقرير صورة قاتمة للوضع الإنساني، مشيراً إلى أن الجوع والمجاعة وسوء التغذية والعطش يشكلان تهديداً وجودياً للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات. كما يبرز النقص الحاد في مواد الإيواء، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية محتملة مع حلول فصل الخريف، حيث تتهدد الأسر بلا مأوى في جميع مناطق النزوح بالسودان ودارفور، خاصة في منطقتي جبل مرة والطويلة اللتين تشهدان أمطاراً غزيرة.
وتشهد المنطقتان تدفقاً يومياً للنازحين من الفاشر، مما جعلهما أكبر مركزين للنزوح في الصراع الدائر. ورغم جهود الوكالات الإنسانية والسلطات المحلية والمجتمعات المضيفة، يؤكد التقرير أن حجم الأزمة يفوق طاقتها ويُثقل كاهلها. وناشدت المنسقية الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية لتكثيف جهودها لمعالجة هذه الأوضاع المزرية.
تدهور صحي ينذر بأوبئة: الكوليرا وسوء الصرف أبرز التحديات
على الصعيد الصحي، يشير التقرير إلى انتشار أمراض مثل الكوليرا والملاريا في عدد من ولايات السودان، إضافة إلى تفشي سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات. وتزداد الأمور سوءاً بسبب نقص الكوادر الطبية التي تعيق تشخيص وعلاج الالتهابات والأمراض الأخرى.
ويلفت التقرير الانتباه بشكل خاص إلى مشاكل الصرف الصحي المتفاقمة في المناطق التي يتركز فيها النازحون، مما يمثل بؤرة للأمراض والأوبئة التي تثير قلقاً بالغاً لدى سكان هذه المجتمعات، وتنذر بكوارث صحية قد تكلفهم أضعافاً مضاعفة.
فوضى أمنية وجرائم حرب: اتهامات متبادلة بقصف المدنيين
يُظهر التقرير استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ملقياً باللوم على تمزق النسيج الاجتماعي بفعل الحرب، وتكريس خطاب الكراهية الذي يقسّم البلاد بناءً على مصالح ضيقة. وتواصل أطراف الصراع ارتكاب الفظائع والمجازر، حيث تقصف قوات الدعم السريع معسكر أبو شوك يومياً، مما يسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. في المقابل، تُشنّ قوات الجيش السوداني غارات جوية على مناطق مأهولة بالسكان في أنحاء دارفور، باستخدام أسلحة ثقيلة محرمة دولياً.
كما وثق التقرير انتهاكات على الطريق بين الفاشر وطويلة، وسجل 95 حالة عنف قائم على النوع الاجتماعي، و15 حالة وفاة بسبب الجوع والعطش، و24 حالة صدمات نفسية، و17 حالة إطلاق نار مباشر. إضافةً إلى ذلك، سُجّلت ثلاث حالات قتل فردي في كاس وأربع حالات في بنديس. ويخلص التقرير إلى أن البلاد قد غرقت في الفوضى، وأصبح “قانون الغاب هو القوة المهيمنة، ولا يوجد سوى الرصاص والبنادق، وأصبح المواطنون فريسة”.
دعوات عاجلة للتحقيق الدولي وإنهاء الإفلات من العقاب
أعربت المنسقية العامة عن قلقها البالغ إزاء جميع الحالات المذكورة، خاصة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الفتاكة داخل التجمعات السكانية المدنية الكبيرة. وطالبت بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في المناطق المكتظة بالسكان بدارفور. كما دعت إلى تشكيل لجنة أخرى للتحقيق في قصف قافلة مساعدات إنسانية في منطقة الكومة بشمال دارفور، كانت متجهة إلى الفاشر.
وختامًا، ناشدت المنسقية المؤسسات القضائية الدولية للعب دور حاسم في إنهاء الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للناجين من الجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين العزل.
Leave a Reply