السودان لا يحتاج أبطال ح.رب بل صُنّاع سلام
المعركة ليست بين قوى سياسية بل بين مشروعي الدولة أو الفوضى ولن نتردد في اختيار موقعنا
التوافق حول مشروع وطني جامع يظل المدخل الجوهري لاستعادة الدولة
فاعلية الرباعية مرهونة بقدرتها على الانتقال من مرحلة طرح التصورات إلى ممارسة ضغط سياسي فعّال
أي تهدئة جادة تهدد شبكات المصالح والاقتصاد العسكري لطرفي الحرب
الح.رب أربكت جميع الأحزاب بلا استثناء، ولم يكن الأمة القومي معزولاً عن هذا السياق العام
الحزب يدار عبر المؤسسية التي أرسى دعائمها الإمام الصادق
التنوع الفكري والاختلاف المسؤول يشكّلان ركيزتين أساسيتين للديمقراطية الحقيقية
—–
السودان اليوم هو عنوان لأزمة وجودية، تتنازع فيها مشاريع الح.رب والفوضى من جهة، ومشاريع الدولة المدنية والتحول الديمقراطي في مقابل مشروع الأسلمة والعسكرة والتمليش من جهة أخرى. وفي خضم هذا النزاع، تبرز مواقف الأحزاب التاريخية، وعلى رأسها حزب الأمة القومي، الذي يواجه تحديات معقدة داخلياً وخارجياً، بين محاولات لم الشمل المدني، والتعامل مع تباينات قياداته، واستحقاقات المشروع الوطني الذي أرساه الإمام الراحل الصادق المهدي.
ورغم الانتقادات التي توجه لمسار الحزب في التعامل مع المبادرات السياسية، يشدد الأمين العام على أن مواقف الحزب تنبع من قرارات مؤسسية واضحة، ترتكز على الرفض الكامل لـ الح.رب وتحميل طرفيها المسؤولية، والبحث عن مسار وطني لا يقبل الحلول الجزئية، بل يستهدف استعادة سلطة مدنية كاملة كضمانة وحيدة لسلام مستدام.
للوقوف على رؤية حزب الأمة القومي لمستقبل المشهد السياسي، وتقييمه لدور الرباعية الدولية وجهود تجميع الصف المدني، وسبل إدارة التباينات الداخلية في ظل غياب قائده التاريخي، تحاور :الهدف” الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير.
حوار: عبد المنعم مختار
يتهم مراقبون حزب الأمة بالتأرجح بين المبادرات والمسارات السياسية المختلفة منذ اندلاع الح.رب. ما هو موقف الحزب الثابت من مسار الح.رب وجهود وضع حد لها، ومن مستقبل السلطة المدنية؟
هذا اتهام غير صحيح، لأنه يختزل مواقف سياسية أكثر تعقيداً. فحزب الأمة القومي لم يكن يوماً متأرجحاً في مبادئه أو مواقفه، بل ظلّ – وما يزال – يتحرّك استناداً إلى قرارات مؤسساته الشرعية، التي أقرت منذ وقتٍ مبكر موقفاً واضحاً ومعلناً إزاء مجمل تطورات المشهد السياسي.
كيف ذلك؟
خذ على سبيل المثال، في الأسبوع الأول لاندلاع الح.رب، أصدر مجلس التنسيق قراراً بالإجماع برفض الح.رب، والسعي العاجل لإيقافها، والدعوة إلى وساطة إقليمية، مع مخاطبة المملكة العربية السعودية للقيام بدورٍ مباشر في التوسط من أجل وقف القتال. وقبل ذلك، وفي سبتمبر 2021، أجاز المكتب السياسي انخراط الحزب في تحالف الحرية والتغيير، على أساس توسيع التحالف وتعزيز قاعدته، انطلاقاً من قناعة راسخة بضرورة توحيد القوى المدنية في مواجهة الانقلاب واستحقاقات الانتقال.
وقبل اندلاع الح.رب، كان موقف الحزب حاسماً لا لبس فيه؛ إذ تصدّى لانقلاب 25 أكتوبر 2021، وواجه مسارات تقويض الانتقال المدني، وبذل جهداً سياسياً متصلاً – منفرداً وضمن تحالفاته – في محاولة منع الانزلاق نحو الح.رب، ثم العمل على إيقافها منذ لحظاتها الأولى عقب اندلاعها.
رغم ذلك هناك ضبابية إزاء الموقف من الح.رب؟
على العكس تماما موقفنا منذ اليوم الأول للح.رب واضح ولا يحتمل التأويل. نرفض هذه الح.رب رفضاً كاملاً، ونحمِّل طرفيها وحلفاءهما المسؤولية السياسية والأخلاقية عن اندلاعها واستمرارها، وما ترتّب عليها من دمارٍ شامل ومعاناةٍ إنسانية غير مسبوقة. ونؤكد أن أي حل لا يعالج الجذور الحقيقية للأزمة، ولا يضع حداً لعسكرة الدولة، ولا يفضي إلى استعادة سلطة مدنية كاملة وذات سيادة، لن يكون سوى هدنةٍ هشة ومؤقتة، سرعان ما تعيد إنتاج الصراع وتُهدِّد وحدة البلاد واستقرارها.
وكيف تفسر وجود مواقف منحازة لدى بعض رموزه وقياداته؟
الحقيقة ومع وضوح قرارات مؤسسات الحزب، إلا أن بعض قيادات الحزب اتخذت مواقف منحازة لطرفٍ دون الآخر، أو معادية لأحد أطراف النزاع، وهو أمر يعود في جوهره إلى حجم الانتهاكات الفادحة التي ارتكبتها الح.رب في مناطقهم ومجتمعاتهم. ونحن على ثقة بأن الجميع سيعودون إلى منصة الحزب وقراراته المؤسسية عقب انتهاء هذه الح.رب، وانتفاء الأسباب الموضوعية التي دفعت إلى تلك المواقف المخالفة.
إن حزب الأمة القومي لا يبحث عن تسويات شكلية أو حلول جزئية، بل يسعى إلى مسار وطني جاد يعيد الاعتبار للمشروع المدني الديمقراطي، بوصفه الضمانة الوحيدة لإيقاف الح.رب، وبناء دولة مستقرة وعادلة، تُصان فيها وحدة البلاد ويُؤمَّن مستقبلها.
كيف يقيّم حزب الأمة الدور الحالي للرباعية الدولية في الملف السوداني؟ وهل تراجع تأثيرها أم أنها ما زالت اللاعب الأكثر تأثيراً؟
الرباعية، في بيانها الصادر في 12 ديسمبر 2025، لم تطرح حلولاً عامة أو شعاراتية، بل قدّمت تصوراً عملياً متكاملاً، يقوم على ثلاث مسارات مترابطة، وفق أولوية واضحة لمعالجة الأزمة السودانية في أبعادها المختلفة، أولاً: مسار الهدنة وإيقاف الح.رب، بوصفه المدخل العاجل والشرط الضروري لأي تقدم سياسي أو إنساني، بما يضمن حماية المدنيين، ووقف نزيف الدم، والحد من الانتهاكات، وتهيئة الحد الأدنى من الاستقرار. ثانياً: مسار المساعدات الإنسانية والترتيبات الانتقالية، بهدف التعامل مع الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، وضمان نفاذ المساعدات دون عوائق، وخلق بيئة أكثر توازناً تسمح بإعادة بناء الثقة وفتح المجال أمام العمل السياسي المدني. ثالثاً: مسار الحل النهائي والتحول المدني الديمقراطي، وهو جوهر الأزمة وغايتها، ويقوم على إنهاء عسكرة الدولة، واستعادة سلطة مدنية كاملة ذات سيادة، وبناء مؤسسات انتقالية تقود إلى نظام ديمقراطي مستقر ومستدام.
ومن هذا المنظور، فإن فاعلية الرباعية الحقيقية تظل مرهونة بمدى تماسك موقفها، وقدرتها على الانتقال من مرحلة طرح التصورات إلى ممارسة ضغط سياسي فعّال على أطراف الح.رب، وكذلك على الجهات الإقليمية الداعمة لها، لضمان الالتزام بهذه المسارات وعدم تفريغها من مضمونها السياسي والعملي.
وعليه، يرى حزب الأمة القومي أن الرباعية ما تزال أحد أهم الفاعلين الدوليين في الملف السوداني، شريطة أن تحافظ على استقلالية موقفها، وأن تضع قضية التحول المدني الديمقراطي بوضوح في صدارة أولوياتها، باعتبارها الضمانة الأساسية لتحقيق سلام مستدام، لا مجرد إدارة مؤقتة للأزمة.
ما الأسباب الحقيقية لتصاعد النزاعات الداخلية داخل حزب الأمة، ومن يتحمل المسؤولية؟
لقد أربكت هذه الح.رب جميع الأحزاب والقوى السياسية والمدنية بلا استثناء، ولم يكن حزب الأمة القومي معزولاً عن هذا السياق العام. إذ تضافرت أسباب موضوعية وأخرى تنظيمية في تعقيد المشهد، في مقدمتها غياب البيئة السياسية الطبيعية عقب انقلاب 25 أكتوبر 2021، وما ترتب عليه من تضييقٍ منهجي على العمل السياسي، إلى جانب ضغط الاستقطاب الحاد، والاختراقات التي مارسها طرفا الح.رب داخل صفوف القوى المدنية نفسها.
وتعود التباينات داخل الحزب، بدرجة كبيرة، إلى انتشاره الجغرافي الواسع الذي يغطي مختلف أقاليم السودان، حيث تأثرت العديد من هذه المناطق بصورة مباشرة بـ الح.رب، وتحولت إلى ساحات قتال أو ما سمّاه أطراف الح.رب بـ«الحواضن»، وهو ما ضاعف حجم الانتهاكات ضد المدنيين، وأسهم بدوره في بروز الانحيازات التي سبق الإشارة إليها.
كذلك، تقديم بعض الاجتهادات الفردية على القرار الجماعي، يلعب دوراً في تعميق هذه الاختلالات، وهو أمر لا يقتصر على حزب بعينه، بل يعكس أزمة عامة تعيشها الساحة السياسية السودانية في ظل الح.رب والانهيار الشامل.
ومن هذا المنطلق، فإن المسؤولية هي مسؤولية جماعية وليست فردية.
إلى أي مدى أثّر غياب الإمام الصادق المهدي على وحدة الحزب ومساره؟
لقد مثّل الإمام الراحل الصادق المهدي ضمير هذا الشعب ورمّانته الأخلاقية والفكرية، واستحق عن جدارة أن يُوصَف برجل السودان والإنسانية. وكان غيابه بلا شك فقداً وطنياً وحزبياً كبيراً، لما شكّله من قيمة استثنائية في الحياة السياسية والفكرية السودانية.
الإمام الصادق أرسى دعائم المؤسسية داخل الحزب، والحزب يدار عبرها. إلّا أن الإمام الصادق المهدي لم يرحل دون أن يخلّف مشروعاً وطنياً متكاملاً، قوامه كرامة المواطن السوداني، والسعي لرفاهيته، وصون حرياته، وترسيخ منهج مقاومة الظلم، والاستبداد، والطغيان، والفساد. كما أسّس لممارسة سياسية مسؤولة تُعلي من مصلحة السودان أولاً، بعيداً عن الابتزاز والمزايدات، وعن النظرة الحزبية الضيقة، مرتكزة على التوافق السياسي، والديمقراطية التوافقية، والانفتاح الواعي والمتبصّر على العالم والآخر، والوقوف سداً منيعاً في وجه الأفكار الهدّامة، وسيفاً مسلطاً على رقاب الطغاة والغُلاة.
ومع ذلك، يشهد الحزب اليوم — شأنه شأن الوطن وكل الكيانات السياسية الكبرى — حالةً من التباين في الآراء والمواقف تجاه ما يجري في البلاد من أحداث مصيرية. وهذا التباين، إذا ما أُدير بروح الانفتاح والحكمة التي أرساها الحبيب الإمام، يمكن أن يتحوّل إلى مصدر قوة لا ضعف؛ إذ إن التنوع الفكري والاختلاف المسؤول يشكّلان ركيزتين أساسيتين للديمقراطية الحقيقية، وشرطاً لازماً لتجديد الدماء، وتطوير الأدوات، وتعزيز التماسك الداخلي للحزب.
كيف ينظر حزب الأمة للدعوة إلى تكوين “الجبهة الشعبية العريضة” ؟
يُعد التنسيق والتعاون مع الكيانات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، وفقاً لنصوص دستور حزب الأمة، إحدى أهم الوسائل لتحقيق الأهداف الوطنية وخدمة مصالح البلاد. وانطلاقاً من ذلك، فإننا ننظر بانفتاح ومسؤولية إلى كل جهدٍ يسعى لتجميع القوى المدنية وتوحيد صفوفها.
إن الدعوة إلى قيام الجبهة الشعبية العريضة أو أي جبهة مدنية جامعة تمثّل من حيث المبدأ، مطلباً أساسياً لإيقاف الح.رب واستعادة المسار المدني. فإذا قامت هذه الجبهة على برنامجٍ واضح المعالم لإنهاء الح.رب وبناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على المواطنة وسيادة القانون، فإننا نرحّب بها ونتفاعل معها إيجاباً.
أمّا إذا كانت مجرد تحالفاتٍ دون رؤية جامعة أو التزام سياسي وبرنامجي حقيقي، أو محاولة استغلالها لتمرير بعض الأجندات السياسية أو الحزبية الخاصة، فإنها – للأسف – لن تُسهم إلا في تعميق حالة التشتّت داخل القوى المدنية، بدلاً من أن تكون مدخلاً للحل الوطني الشامل.
كيف يتعامل حزب الأمة القومي مع القوى سياسية خارج “صمود” و“تأسيس” ؟
نحن لا ننظر إلى القوى السياسية التي لم تنضم إلى تحالف «صمود» باعتبارها بالضرورة قوى مترددة أو سلبية. فبعض هذه القوى تطرح مواقف نقدية مشروعة، نختلف أو نتفق معها، لكنها تظل جزءاً أصيلاً من المجال السياسي والمدني، ولا يمكن تجاوزها عند التفكير الجاد في بناء بديل وطني مدني.
حزب الأمة القومي يرى أن بناء جبهة مدنية واسعة لا يتم عبر الإقصاء أو الفرز السياسي الضيق، وإنما عبر حوار سياسي جاد يقوم على الاتفاق حول البرنامج والأهداف الوطنية الكبرى، لا على التنافس حول المواقع أو الحسابات التكتيكية. وفي هذا الإطار، أكد الحزب – من داخل تحالف «صمود» – على أهمية توسيع التحالف وفتح أبوابه أمام كل القوى الراغبة والمقتنعة بأهدافه، وفي مقدمتها إنهاء الح.رب والتحول المدني الديمقراطي. وتعمل لجنة التنظيم داخل تحالف صمود على هذا الملف بجهد متواصل لتعزيز الانفتاح والتواصل وبناء الثقة.
وهل تحقق اختراق في هذا السياق؟
بالفعل.. حيث جرت مشاورات موسعة واجتماعات مع عدد من القوى السياسية، من بينها حزب البعث العربي الاشتراكي، والمؤتمر الشعبي، وحزب الأمة – مبارك الفاضل، وتكللت هذه اللقاءات بالاتفاق على التنسيق والتفاكر المشترك حول القضايا الوطنية الكبرى. كما انعقدت عدة اجتماعات مع الإخوة في حركة/جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، وما تزال قنوات الاتصال مفتوحة ومستمرة في إطار السعي لتوسيع دائرة العمل المدني المشترك.
نحن نؤمن أن وحدة القوى المدنية لا تُبنى بالاستبعاد، بل بالتدرج، والحوار، واحترام التباينات، والعمل المشترك على أساس برنامج واضح يستجيب لتحديات المرحلة ويضع التحول المدني في صدارة الأولويات.
لماذا يقابل طرفا الح.رب الجهود الوطنية والدولية بالمزيد من التصعيد؟
طرفا الح.رب ما يزالان يتعاملان مع الصراع كأداة تموضع سياسي مستقبلي، لا ككارثة وطنية يجب وقفها فوراً. فـ الح.رب تحوّلت إلى مصدر نفوذ وتمويل، وأي تهدئة جادة تهدد شبكات المصالح والاقتصاد العسكري، لذلك يُفضَّل التصعيد على السلام. كما يراهن كل طرف على تحسين موقعه الميداني لتحسين شروطه السياسية لاحقاً، ويخشى في الوقت نفسه أن تقود المبادرات الجادة إلى فتح ملفات الانتهاكات واستعادة المسار المدني بما يقلص نفوذ دعاة الح.رب.
ويُسهم ضعف الجبهة المدنية وتضارب الرسائل الإقليمية والدولية في تشجيع هذا السلوك، عبر منح الأطراف مساحة للمناورة وكسب الوقت.
وما النتائج المتوقعة إزاء ذلك؟
النتيجة المتوقعة واضحة: مزيد من الانهيار الإنساني والاقتصادي، تعميق تفكك الدولة، وتدويل أوسع للأزمة.
ما تعليقك على ورود اسمك ضمن قائمة الـ39 وتحريك إجراءات محاكمة؟
هذا الإجراء سياسي بامتياز، ويأتي في سياقٍ واضح لاستخدام القانون والأجهزة العدلية كسلاح لتصفية المواقف المدنية وقمع الأصوات الرافضة لـ الح.رب والاستبداد. التعامل مع الخلافات السياسية من خلال المسارات العدلية لا يعكس حرصًا على العدالة، بل يُعبّر عن توظيف انتقائي للقانون لخدمة أجندة سياسية ضيقة.
وليس هذا هو الاستخدام الأول للأجهزة العدلية بوصفها أداة للترهيب والتخويف؛ فقد شهد السودان مراراً محاولات مشابهة جرى فيها تطويع القانون لإخراس المعارضين، بدلاً من محاسبة المتورطين الحقيقيين في إشعال الح.رب وارتكاب الانتهاكات. وهو ما يكشف بوضوح أن هذه الح.رب لا تُدار فقط بالسلاح، بل تُدار أيضاً عبر أدوات سياسية وقانونية هدفها ضرب التيار المدني الديمقراطي، وتفريغ الساحة من أي صوت يطالب بإنهاء الح.رب واستعادة الحكم المدني.
هذه الإجراءات لن تُرهب القوى المدنية، ولن تصرفها عن واجبها الوطني في الدفاع عن التحول الديمقراطي، بل تؤكد مجدداً الحاجة الملحّة إلى بناء دولة القانون الحقيقية، التي تقوم على استقلال القضاء، وعدم تسييس المؤسسات العدلية، وضمان الحقوق والحريات الأساسية لجميع المواطنين دون استثناء.
ماذا تقول في الذكرى السبعين للاستقلال؟
سبعون عاماً من الانقلابات والح.روب تؤكد أن معركتنا لم تكن يوماً حول العلم أو النشيد، بل حول طبيعة الدولة نفسها. فالأزمة ليست في الرموز، بل في غياب الدولة الوطنية الحديثة. والاستقلال الحقيقي لا يكتمل إلا بإنهاء حكم السلاح، وترسيخ دولة المواطنة وسيادة القانون، وبناء مؤسسات مدنية تحمي الحقوق وتكفل العدالة.
كما أن التوافق حول مشروع وطني جامع يظل المدخل الجوهري لاستعادة الدولة، مشروع يضع التنمية الاقتصادية، ورفاهية المواطن السوداني، وتحسين شروط حياته في صدارة الأولويات، باعتبارها الغاية الحقيقية لأي تحول سياسي، وأساس الاستقرار والسلام المستدام.
عموما السودان لا يحتاج أبطال ح.رب، بل صُنّاع سلام. وحزب الأمة، رغم كل النقد، سيظل منحازاً للمدنية، وللوحدة الوطنية، ولحق شعبنا في دولة تحميه لا تق.تله. المعركة ليست بين قوى سياسية، بل بين مشروع دولة ومشروع فوضى، ولن نتردد في اختيار موقعنا.

Leave a Reply