انتخابات على حافة الانفـ.ـجار… صـ.ـراعُ السيطرة على مشروع الجزيرة يشـ.ـتعل

صحيفة الهدف

م. عبد المنعم مختار

#الهدف_آراء_حرة

في بيان جديد يحمل موقفًا واضحًا لا يعتريه لبس؛ أعلن حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) ــ قيادة قطر السودان، عبر مكتب الحركة الجماهيرية، رفضه لما وصفه بـ “الانتخابات الزائفة” التي تعمل سلطة الأمر الواقع على إجرائها في أقسام مشروع الجزيرة والمناقل، وفق قانون مهن الإنتاج الزراعي والحيواني. البيان لم يكن مجرد موقف تنظيمي، بل بدا أشبه بجرس إنذار سياسي يحذر من عملية إعادة هيكلة واسعة تجري على جسد المشروع الأكبر في السودان، تحت غطاء عملية انتخابية محكومة سلفًا بنتائج معروفة.

مشروع الجزيرة ساحة الصـ.ـراع لا صندوق الانتخاب

يضع البيان انتخابات المزارعين في سياق سياسي أكبر؛ مشروع الجزيرة ـــ بما يمثله من أهمية اقتصادية وتاريخية ـــ ليس مجرد مشروع زراعي، بل مركز ثقل اجتماعي ونقابي، السيطرة عليه عبر انتخابات “مُعدّة” سلفًا تعني عمليًا السيطرة على إرادة مئات الآلاف من المزارعين، وبالتالي التحكم في واحد من أهم مصادر القوة الاجتماعية في السودان.

لهذا يعتبر الحزب أن العملية الانتخابية ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل خصخصة المشروع، وربط ذلك مباشرة بتوجهات المؤسسات المالية الدولية وبقايا شبكة الرأسمالية الطفيلية. البيان قدم قراءة سياسية ترى أن ما يجري ليس إصلاحًا قانونيًا؛ بل محاولة “هندسة اجتماعية” لإعادة تشكيل قيادة المزارعين نفسها.

الانتخابات بين الشرعية والواقع

يشدد البيان على أن سلطة الأمر الواقع ـــ التي تشرف على العملية ـــ غير شرعية أصلًا، وبالتالي فإن ما تنتجه لا يمكن أن يكتسب الشرعية. الحزب يربط رفضه كذلك بالظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها المزارعون؛ تهجير، تشريد، حـ.ـرب دمـ.ـرت البنية التحتية للمشروع، وانعدام الحد الأدنى من البيئة التي تسمح بإرادة حرة. وهذا يشير إلى منظور قانوني وسياسي في آن واحد؛ أن الانتخابات في زمن الحـ.ـرب لا يمكن أن تكون أداة ديمقراطية، بل تتحول غالبًا إلى أداة لفرض الأمر الواقع.

رسالة إلى المزارعين: المقاطعة كفعل مقاومة

يدعو الحزب مزارعي الجزيرة والمناقل إلى مقاطعة الانتخابات بشكل شامل، ويعتبر أن المقاطعة ليست موقفًا احتجاجيًا فحسب؛ بل وسيلة دفاعية لمنع الاستيلاء على المشروع. اللغة المستخدمة في البيان تؤسس لمفهوم “المقاطعة المـ.ـقاومة” والتي تهدف إلى كسـ.ـر شرعية العملية، حرمان السلطة من غطاء التمثيل النقابي، ومنع تمرير خطة الهيمنة على المشروع.

بين النقابة والسياسة: بناء جبهة ديمقراطية

البيان يربط القضية النقابية بمشروع تغيير سياسي أشمل؛ وقف الحـ.ـرب، بناء جبهة ديمقراطية، استعادة النقابات، والدفاع عن حقوق المزارعين باعتبارها جزءًا من مـ.ـعركة الديمقراطية. هذا الربط يعكس منهج البعث الواضح في المزاوجة بين النضال المهني والنضال السياسي، ويرى أن المعـ.ـركة حول مشروع الجزيرة ليست فنية بل سياسية من الدرجة الأولى.

يمكن القول أن البيان يمثل أكثر المواقف وضوحًا وحدّة تجاه العملية الانتخابية الجارية. إن النقاط التي أثارها البيان – خاصة ما يتعلق بتوقيت الانتخابات، وبيئتها، ومحاولة السيطرة على الحركة النقابية – تمثل تساؤلات جوهرية تستحق نقاشًا عامًا. كما يكشف البيان عن حقيقة أعظم؛ أن مشروع الجزيرة، رغم ما يمر به، لا يزال أحد مفاتيح القوة في السودان، وأن الصـ.ـراع عليه سيظل صـ.ـراعًا على مستقبل المجتمع الريفي وعلى توازن القوى داخل الدولة نفسها.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.