كلمة العدد: ما وراء الـ 16 يومًا… العنف الصامت والفرصة التي لم تُغتنم بعد

صحيفة الهدف

حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة هي حملة عالمية تُضيء باللون البرتقالي زوايا الظلام. لكن اليوم، لا نريد أن نكتفي بترديد الشعارات المعهودة أو تعداد الإحصائيات الموجعة، بل ندعوكم إلى وقفة استثنائية، لننظر إلى الموضوع من زاوية مغايرة: العنف الصامت كأكبر فرصة مهدرة للنمو البشري والمجتمعي.

نحن اعتدنا النظر إلى العنف كـ “فعل مادي” أو “اعتداء جسدي”، ولكنه في جوهره حرمان؛ حرمان للمرأة من حقها في أن تكون “ذاتًا كاملة” ومساهمة فعّالة.

إن العنف ضد المرأة، بجميع أشكاله—الجسدي، والنفسي، والاقتصادي—ليس مجرد اعتداء على الضحية، بل هو في الحقيقة عرقلة متعمدة لـ 50% من طاقة المجتمع. عندما تُجبر امرأة على العيش في خوف أو تقييد اقتصادي، أو عندما يُنتقص من صوتها ورأيها في المنزل أو مكان العمل، فنحن لا نخسر فقط كرامتها، بل نخسر:

إبداعاتها غير المتحققة، فكم من فكرة، وكم من حل، وكم من مشروع كان يمكن أن يولد لولا الخوف والترهيب؟

ثروة اقتصادية معطلة، فالعنف الاقتصادي والحرمان من الموارد يُبقي المرأة خارج عجلة الإنتاج الكاملة، ما يُكلف اقتصادنا القومي مليارات الفرص الضائعة.

تربية أجيال غير سوية، فالطفل الذي يرى العنف يتلقى درسًا ضمنيًا بأن القوة هي القانون، وبالتالي فإن دورة العنف تستمر في التوارث.

رسالتنا اليوم استثنائية وبسيطة:

دعونا نخرج من مربع “الضحية والجاني” إلى مربع “الإمكانيات المهدورة”. هذه الـ 16 يومًا يجب أن تكون فترة تأمل استراتيجي في كيفية تحويل هذه الفرصة المهدرة إلى طاقة محركة. يجب أن نتبنى وجهة نظر تعتبر مناهضة العنف استثماراً مباشراً في المستقبل.

هذا لا يعني مجرد سن القوانين، بل يتطلب تغيير الوعي الجمعي ليصبح العنف ضد المرأة ليس مسألة “شخصية” أو “عائلية”، بل فشلاً مجتمعياً واقتصادياً يضرنا جميعاً.

لتكن هذه الحملة نقطة انطلاق ليس فقط لرفع الصوت عالياً، بل لتبني خطوات عملية: بدءاً من دعم البرامج التي تمكّن المرأة اقتصادياً لتكسر قيودها، وصولاً إلى تثقيف أجيالنا الجديدة بأن الاحترام والمساواة هما القاعدة وليس الاستثناء.

دعونا لا نحصر قضية العنف في 16 يوماً، بل لنجعل كل يوم فرصة لاسترداد حقوق المرأة الضائعة، وتحرير إمكانيات المجتمع الأسيرة.

#لا_للعنف_ضد_المرأة #الفرصة_المهدورة #16_يوم_لمناهضة_العنف #استثمار_في_المستقبل #العنف_اقتصادي_وفشل_مجتمعي #ملف_المرأة_والمجتمع

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.