بقلم: سامي السر
بدأت الحـ.ـرب في السودان كنتاج لصـ.ـراع داخلي، مرتبط بأطماع قائد مليـ.ـشيا الدعـ.ـم السـ.ـريع في السلطة، وطموح الكيزان للعودة للحكم بقوة السلاح، ولكنها سرعان ما تحولت إلى صـ.ـراع نفوذ إقليمي ودولي، بعد أن تدخلت الأطراف الخارجية للتأثير على مساراتها؛ فقد عملت (إسـ.ـرائيل)- من خلال الإمارات- على دعم المليـ.ـشيا لمنع أي احتمال لنصر حاسم يحققه الجيش يؤدي إلى حسم الصـ.ـراع لصالحه قد يعيد الاستقرار للبلاد، لأن استمرار الحـ.ــرب بالنسبة لها هو هدف مطلوب في حد ذاته لإدامة حالة فقدان التوازن والاضطرابات، وتدمير أهم مورد يمتلكه الوطن، ألا وهو المورد البشري، وذلك باستنزاف الجيش والشعب معًا، وإحداث أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية، بما يؤدي إلى إضعاف السودان وتحييده في الصـ.ـراع العربي الصـ.ـهيوني، وعزل مصر وحرمانها من أي عمق فاعل يسند ظهرها في هذا الصـ.ـراع.
ظلت أمريكا طيلة الفترة الماضية، التي تجاوزت العامين والنصف، وتنفيذًا للتوجه الصـ.ـهيوني؛ تعمل على استمرار الحـ.ـرب وإطالة أمدها من خلال اختطاف المبادرات واحتكار الحلول، والوقوف حائل أمام أي مسعى عربي أو أفريقي لإيقافها، في الوقت الذي تتظاهر فيه بالدعوة لإيقافها. فلو كانت الإدارة الأمريكية جادة في سعيها لإيقاف الحـ.ـرب، لأوقفتها منذ أيامها الأولى كما فعلت في الحـ.ـرب التى اندلعت بين الكيان الصـ.ـهيوني وإيران، والتي لم تتجاوز (12) يومًا، فسارعت إلى التدخل لإيقافها بعد أن بدأت المواجهة تأخذ منحى حـ.ـرب استنزاف طويلة لا يقوى الكيان الصـ.ـهيوني على تحملها، والحـ.ـرب بين الهند وباكستان والتي كانت تنذر باحتمالات تحولها إلى بؤر لاصطفاف دولي يؤدي إلى اتساعها وتمددها بحيث يصعب السيطرة عليها، فعملت على إيقافها في ثلاثة أيام فقط، وأخيرًا حـ.ـرب رواندا والكنغو التي خلقت واقعًا من عدم الاستقرار، عطّل نشاط الشركات الأمريكية في الاستثمار أو قل في نهب المعادن الثمينة التي تذخر بها أراضي الكنغو، فنجحت في إيقافها على الفور حين أرادت ذلك.
فإذا كان استمرار الحـ.ـرب هدف مطلوب لذاته بالنسبة للكيان الصـ.ـهيوني ومن خلفه الإدارة الأمريكية الخاضعة لقراراته؛ فإِنَّ التقسيم هو الهدف الثاني الذي تسعى له والاستمرار في تفتيت الوطن وتحويله إلى كيانات متصـ.ـارعة داخليًا ومع بعضها البعض. لذلك فإن من يحرضون على استمرار الحـ.ـرب من البلابسة والإخوان المسلمين، إنما يخدمون، بوعي أو بدون وعي، مخطط تفتيت الوطن وإهدار موارده واستنزاف جيشه وقـ.ـتل شعبه.
ولأن تطورات هذا الصـ.ـراع قد أنتجت واقعًا جديدًا، إذ أصبح السودان- بفضل موقعه الجيوسياسي وما يذخر به من ثروات طبيعية هائلة- ساحة مفتوحة للتنافس ولصـ.ـراع النفوذ الدولي والإقليمي، ودخلت فيه قوى عظمى مثل الصين وروسيا، وقوى إقليمية مؤثرة مثل تركيا وإيران، مما بات يحاصر النفوذ الأمريكي في المنطقة وفي سواحل البحر الأحمر، لذلك وجدت نفسها مجبرة على التدخل وممارسة ضغوطها على جميع الأطراف من أجل إيقاف الحـ.ـرب، وبالتالي فرملة توجه السلطة الحاكمة في بورتسودان نحو المحور الشرقي، ولا يستبعد أن تسعى إلى فصل إقليميّ دارفور وكردفان نزولًا عند رغبة الكيان الصهuوني في الاستمرار في تفتيت الوطن بعد أن نجحوا في فصل الجنوب.
ووفقا لهذا التصور؛ فإن المآلات المحتملة للحـ.ـرب هي:
1. تسوية سياسية تحفظ ماء الوجه لأطراف الحـ.ـرب مع إشراك بعض المكونات السياسية المدنية المتطلعة لدور فاعل في الحكم خلال الفترة الانتقالية، والسماح باستمرار وجود بعض قيادات الإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني من الصف الثاني والثالث في المشهد تحت عناوين وواجهات جديدة ٠
2. تنفيذ مخطط التقسيم بناء على معطيات الواقع الميداني، وبالتالي فصل إقليميّ دارفور وكردفان كثمن باهظ يدفعه الشعب السوداني من أجل السلام.
3. استمرار الإدارة الأمريكية في التعامل مع سلطة الأمر الواقع في بورتسودان بانتهاج سياسة الجزرة والعصا، بالوعيد والتهديد بالعقوبات والحديث عن الانـ.ـتهاكات والترويج لمزاعم استخدام الأسـ.ـلحة الكيماوية، وإصدار تشريعات تصنيف الاخوان المسلمين َكجماعة ارهـ.ـابية٠٠٠٠ الخ، لكبح جماح توجهها نحو المعسكر الشرقي، وإبقاء الوضع على ما هو عليه من اقتـ.ـتال وتـ.ـدمير للموارد البشرية والاقتصادية، غير أن ما يضعف فرص تحقق هذا الاحتمال:
أولًا: تصاعد الإرادة الشعبية المتطلعة للسلام ووقف الحـ.ـرب، بعد أن اتضح أن هذه الحـ.ـرب لا تخدم إلا اعداء الوطن.
ثانياً: عامل تضارب المصالح الحيوية للدول الإقليمية في السودان والمنطقة، يدفع بها لمواجهة تمدد النفوذ الأمريكي لحماية مصالحها.
4. والاحتمال الأخير، وهو الأسوأ، وهو تطبيق سيناريو النموذج السوري في حالة تعنت القيادات العسكرية المنتمية أو الموالية للمؤتمر الوطني وحركة الإخوان المسلمين واصرارها على استمرار الحـ.ـرب حتى لو أدى ذلك إلى هـ.ـلاك كل الشعب، وذلك بتنصيب حميدتي ليلعب دور أحمد الشرع (الجولاني) في السودان، مع الفارق ان خطاب الكراهـ.ـية والعنـ.ـصرية قد تنامى بشكل كبير في صفوف كلا المعسكرين، مما يفسح المجال بتكرار مجـ.ـازر حـ.ـرب الهوتو والتوتسي، التي وقعت في رواندا،
وحينها ستكون النتيجة أنهار من الدمـ.ـاء ستغطي ربوع البلاد، لا قدر الله.
إنّ توسيع قاعدة الجبهة المناهضة للحـ.ـرب، وتوحيد نضالات جماهير شعبنا تحت قيادة طلائعه الحية وقواه المستنيرة؛ هو السبيل الوحيد لتجنيب شعبنا وبلادنا المصير المظلم الذي قد تقودنا إليه هذه الحـ.ـرب.
نسأل الله السلامة لشعبنا المكلوم، والنصر المبين لثورته الظافرة ٠
#لاللحرب_نعم_للسلام
#جبهة_شعبية_عريضة_للديمقراطية_والتغيير

Leave a Reply