تظهر أزمة مشروع الجزيرة هذا الموسم في مشهدين صارخين: حقول عطشى بلا ماء، ومزارعون يُلاحقون بالرسوم والضرائب رغم غياب الخدمات.
تراجع إنتاج الذرة في أحد الحقول من 20 جوالاً للفدان إلى 3 فقط بسبب جفاف الترع، ومع ذلك فرضت إدارة المشروع 45 مليون جنيه للفدان—25 مليونًا للري الذي لم يصل، و20 مليونًا للإدارة التي لم تُرَ طوال الموسم.
الأخطر أن عملية التحصيل تجري بقوة الشرطة لمنع الحاصدات من دخول أي حقل دون إبراز إيصال السداد، ما يعني ترك المحاصيل للتلف إذا لم يدفع المزارع مقابل خدمة لم يحصل عليها أصلاً.
وفي مكتب الرميتاب، تتكرر الأزمة مع جفاف الترعة الرئيسية التي تغذي المشروعات، ما دفع المزارعين لإطلاق نداءات استغاثة خوفًا من فقدان موسم كامل.
هذه ليست مجرد عثرات إدارية، بل علامة على انهيار منظومة الري والإدارة في أكبر مشروع مروي في إفريقيا. مشروع كان يومًا رافعة للاقتصاد، وأصبح اليوم عبئًا يطارد المزارعين بدل دعمهم.
إنها أزمة تتجاوز موسماً زراعياً ضعيفاً؛ إنها أزمة حكم، وشفافية، ومحاسبة، في دولة تُحمّل مواطنيها تكلفة الفشل بدل أن تواجه جذوره.

Leave a Reply