البرهان صاحب المأساة الذي يقدم نفسه شاهدًا عليها

صحيفة الهدف

أمجد السيد

في مقاله بـ وول ستريت جورنال حاول عبد الفتاح البرهان تقديم نفسه كشاهد على كارثة السودان، بينما الحقيقة، التي لا يمكن تزويرها أن الرجل كان أحد أبرز صُنّاعها. فالقائد الذي يتحدث اليوم عن خطر قوات الدعم الس-ريع هو ذاته الذي أسّس لتمدّدها، ووقّع قرارات جعلت منها قوة منفصلة عن الدولة، ثم استخدمها في معاركه ضد الانتقال المدني قبل أن تنقلب عليه شراكته الهشّة معها.

ليست الح-رب التي تحرق السودان اليوم نتاج “تمرد” مفاجئ، بل ثمرة مباشرة لتحالفات العسكر والدعم الس-ريع، ونقض العهود، والانقلاب على المسار المدني. وما يكتبه البرهان اليوم ليس مراجعة تاريخية بل محاولة للهروب من المسؤولية عبر رواية انتقائية تُسقط دوره وتُحمّل الآخرين وزر الخراب.

السودان لا يحتاج إلى جنرال يقدّم شهادة براءة ذاتية، بل إلى مواجهة صادقة مع الحقيقة أن البلاد دُمرت بين قوتين مسلحتين، وأن الدولة لن تنهض ما دام مستقبلها محصورًا بين من يق-تل باسم السلطة ومن يق-تل باسم النفوذ. واللحظة الفارقة التي تنتظرها البلاد هي لحظة التحرر من هذا الثقل العسكري الذي كبّلها سبعين عامًا، لا لحظة استعادة تبريرات مُضللة من صُنّاع الكارثة أنفسهم.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.