د.سلمي نائل
ياسر.. غضّت المنافي جفنه، وما غاضت له الذكرى، وما انطفأت على درب البلاد خطاه. يا صاحبي.. يا من جلست بقربي يومًا على مقاعد الجامعة، تقاسمنا الحلم الأخضر، ووجع السؤال، ولعنة الح.رب التي كانت تطرق أبواب الخرائط منذ القدم.. واليوم تطرق قلبي. غادرت.. لكن صورتك ما زالت بين دفاترنا، بين مشاريعك التي كنت تحيكها من ضوء وفكرة، ومن وطن ضائع كنت تحاول أن تعيد له صوته بالكاميرا، وبالكلمة، وبأجنحة المسرح التي حملتها يومًا، فخجل الظلام من وهجك. يا ياسر.. يا ابن بغداد يوم كنت طالب فن يبحث عن معنى، يا من كان يرى في الوثائقي قدسية الشهادة، وفي اللقطة وطنًا مصغّرًا يعاند الانطفاء. يا ياسر.. يا من أبعدته الح.رب عن أرضه قسرًا، فحملها في قلبه كما يحمل المؤمن دعاءه في ساعة الضيق، لا ينساه، ولا يُبدّله. يا صديق الأيام الأولى، يا أجمل من مرّ على الدروب بوجه طيب وروح تُضحك الحزن.. كيف أكتب رحيلك؟ وأنا التي ظننت أن الطيبين يبقون طويلًا، وأن النبلاء لا يغادروننا إلا حين يشتد بهم الشوق إلى ربهم. يا صاحبي.. يا من أثقلتني اليوم فجيعته، يا من ترك فراغًا في القلب لا يُسدّ، وصمتًا طويلًا لا يكسره إلا الدعاء. نم يا رفيق الحلم، نم في رحاب الله راضيًا، فقد وفيت للعهد.. وظللت ثابتًا يوم تغيّر كل شيء، وبقيت تُعلّمنا أن الحرية ليست شعارًا، بل سيرة حياة. سلام على روحك.. سلام على قلبك الذي أتعبه المرض ولم يُتعبه الوطن. سلام عليك يوم كنت بيننا، ويوم رحلت، ويوم نلتقي حيث لا وداع. ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
#ملف_الهدف_الثقافي #ياسر_عوض #د_سلمى_نائل #خطاك_على_درب_البلاد #صديق_الجامعة #وفاء_للوطن #رثاء

Leave a Reply