ياسر عوض.. فقدنا الابتسامة وروح الطيبة

صحيفة الهدف

 مدني النخلي

وجهٌ مريح دائم الإشراق بابتسامته الدائمة. كنت ألمح غورًا للحزن العميق في نظرات ياسر الشاردة في مجهول الواقع السوداني الصعب، ومع هذا الحزن والشرود يطمنك ياسر ويطبطب على همومك ومتاعبك بابتسامته المشرقة. مبدع في كل تعاملاته، وأثق من حبه لمهنته وتنوع أفكاره. ربما هو لا يتسق مع السائد من عادية في عمله كمخرج، لكنه يصر على تنفيذ أفكاره الجديدة المتقدمة بإصرار وجرأة تشبه أحلامه وتطلعه الرافض للمكرور والعادي. لذا تنقّل في عدة مواقع مؤقتة في أجهزة الإعلام المختلفة، واستقر بعد ديسمبر في منصب مدير تلفزيون الخرطوم. زرناه أنا وصديقي وصديقه ضياء الدين مرغني في مكتبه بتلفزيون الخرطوم، وقلت مداعبًا: المكتب والجكت شنو؟ ضحك وقال: تقول شنو؟ لأننا اعتدنا على ياسر الجاي من المواصلات للتلفزيون سيرًا على الأقدام، وبتواضعه الجم لا يهتم بالمظاهر في اللبس أو غيره. وظل حتى آخر وظيفة له كمدير هو ياسر المكتح البسيط الشايل هموم الناس أكتر من همه الخاص. قبل مرضه بأيام التقيته في المركز الثقافي بالدوحة، ولمحت في عينيه ذلك الحزن الدائم الذي كاد أن يخفي ابتسامته المعهودة. تحدث معي عن هموم خاصة وعامة، وكان يتحدث بألم شديد عن غيابه عن البلد، وقال لي: أتوقع رجوعي في أي لحظة. أعرف حبه للبلد.. ود مدني النشأة والحب والناس. هاتفي صديقي علاء سنهوري بخبر نقل ياسر للمستشفى وتدهور حالته. ياسر كان صادقًا مع نفسه.. مع حزنه.. مع ظروفه.. بسيطًا في كل شيء إلا في حلمه بوطن لكل الناس، وقضى حياته مناضلًا لذلك. ترك برحيله المفجع رصيدًا من الحب والجمال والكفاح. ترك بصمة مختلفة في أعماله الإبداعية، معبّرًا عن رؤيته برسم عالم إنساني متصالح مع طموحات وأحلام أهل بلده. كتب نصًا شعريًا بعد مرضه الأخير، ردّد في سطوره: إنا لله وإنا إليه راجعون، وكأنه يرثي نفسه. حقًا.. إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا لفقدك يا ياسر لمحزونون. إلى جنات الخلد يا صديقي، ولا نقول إلا ما يرضي الله.

#ملف_الهدف_الثقافي #ياسر_عوض #مدني_النخلي #فقدنا_الابتسامة #ود_مدني #بساطة_وابداع #رثاء

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.