أحمد خليل
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾ بمجرد أن بلغني خبر رحيل الصديق والرفيق ياسر عوض، رحم الله روحه، لم أتمالك نفسي، فاتصلت بإبراهيم حسين وإيهاب الطيب. الغريب أنني طوال فترة مرض ياسر كنت أتحاشى الاتصال بإبراهيم، ربما لأني كنت أخشى أن أسمع ما لا أطيق، أو كما نقول مازحين: “الهروب ده ما هروب.. ده تأجيل للمفاجآت!” تعرفت على ياسر في بغداد، في واحد من ميادين النضال التي جمعتنا. كان حينها طالبًا بكلية الهندسة، بينما كنا نحن نجوب ساحات التدريب، ومنها نعود إلى المقاعد الدراسية في جامعة بغداد، كلية الآداب، ومن هناك إلى الساحات العملية: ياسر في التلفزيون، وأنا ذهبت إلى الصحف، وإبراهيم سلك المحاماة. عبرنا مطبات كثيرة، وخرجنا منها بضحكة، وبصداقات أثبتت الأيام صلابتها. ظل إبراهيم حسين قريبًا مني، وكنت قريبًا منه، وإن مرت علاقتنا بحالات مد وجزر، ومن باب الدعابة: “لو علاقتنا فيلم كان حيحتاج موسيقى تصويرية!” لكننا كنا نعود دائمًا للقاء، كأن شيئًا لم يكن. في الفترة الأخيرة كنت على تواصل دائم مع ياسر، لم أنقطع عنه وهو في المستشفى، وكنت أسأل عنه عبر مجدي علي أو إيهاب الطيب. بغداد كانت البداية: أزقتها، شارع حيفا، الوزيرية، جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، قرب مقر اتحاد الطلبة السودانيين. هناك رافقنا ياسر في محطات كثيرة، وكان حضوره دائمًا يُبهج المكان. إبراهيم حسين، منذ عرفته، كان القلب النابض لأيامنا، واليوم أرسل لي مقالًا طويلًا كتبه بمداد من المشاعر الأخوية الصادقة. هكذا عرفته دائمًا: صادقًا، ثابتًا، يستقبلك بذات الروح. أما ياسر.. فكان شخصًا مختلفًا، فنانًا مكتملًا، روحًا لا تتكرر. ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
#ملف_الهدف_الثقافي #ياسر_عوض #أحمد_خليل #بغداد #السودان #صداقة #رثاء #فنان_لا_يُنسى

Leave a Reply