بقلم: د سلمى نايل
في كل عام، تأتي حملة 16 يومًا لمناهضة العنف النوعي ضد المرأة بوصفها أكثر من مجرّد مناسبة عالمية؛ إنها مساحة للضوء، تتقد داخل العتمة، لتذكّر العالم بأن وجع المرأة ليس حدثًا عابرًا، بل قضية وجودية تمسّ كرامة الإنسان في جوهره.
العنف ضد المرأة ليس مجرد عنف جسدي كما يظن البعض، إنه منظومة ظلال تبدأ من الكلمات الجارحة، وتمتد إلى الحرمان من الحقوق، وتنتهي – في أسوأ صورها – بأجساد تُقهر، وأرواح تُكسر، وأحلام تُطفأ.
ولأن الألم حين يقال يُشفى، جاءت هذه الحملة لتكون منصةً عالمية ترفع فيها النساء أصواتهن عاليًا، ليس طلبًا للشفقة، بل مطالبةً بالعدالة والاعتراف والمساواة.
لماذا هذه الحملة مهمة؟
لأنها تفتح الباب لأسئلة موجعة وضرورية:
كم من امرأة تخفي ألمها خلف ابتسامة صامتة؟
كم من فتاة تُقمع أحلامها باسم العادات؟
كم من أم تُعاقب لأنها اختارت حياتها؟
وكم من امرأة تُلام حين تكون الضحية؟
الـ16 يومًا تذكيرٌ بأن العنف ليس قدرًا، وأن إسكات المرأة ج-ريمة لا تقلّ وحشية عن الاعتداء ذاته. إنها دعوة للتغيير، ولتفكيك البنى، التي تجعل من المرأة الحلقة الأضعف في مجتمعات ينبغي أن تكون أكثر عدلاً وإنسانية.
حملة الـ16 يومًا ليست مسؤولية النساء وحدهن، بل هي اختبار أخلاقي للمجتمع بأكمله: أسر، مدارس، مؤسسات، صحافة، رجال ونساء.
المطلوب أن نقول “كفى” بوعي، وأن نعيد تشكيل لغة التعامل مع المرأة، وأن نرسّخ ثقافة تحترم صوتها، خياراتها، جسدها، وحقها في حياة آمنة بلا خوف.
كل امرأة تنجو من دائرة العنف هي شهادة على قوة لا تنكسر.
وكل مجتمع ينحاز للعدالة، هو مجتمع يكتب مستقبلاً أكثر إنسانية لأجياله.
ستة عشر يومًا ليست زمنًا قصيرًا حين نملأه بالوعي، ونحوله إلى مساحة حقيقية للتغيير.
فلتكن هذه الأيام بداية عامٍ كامل… بل عهداً جديدًا:
ألا تُكسر امرأة بعد اليوم، وألا يصمت العالم أمام ألمها.

Leave a Reply