سلام بالتصريحات وحرب بالفعل من يضحك على من؟

صحيفة الهدف

لم يكن المشهد السوداني أكثر غرابة من هذا التهافت على الترحيب بتصريحات دونالد ترامب الداعية للسلام الجيش، الدعم السريع، الحركات المسلحة، التيار المتأسلم، حكومة تأسيس وصمود جميعهم صفقوا في لحظة واحدة لكلمة جاءت من واشنطن بعد تدخل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. فجأة بدا وكأن كل الأطراف اكتشفت فضيلة السلام!

لكن السؤال الذي يفرض نفسه ببساطة إذا كنتم جميعًا تريدون السلام فمن يشعل الحرب إذن؟

كيف تُستقبل إشارة خارجية بهذا الحماس بينما جرى تعطيل كل المبادرات السابقة من جدة إلى البحرين والإيقاد والاتحاد الإفريقي والرباعية؟ لماذا يصبح السلام مرغوبًا عندما يأتي من الخارج، بينما يُفشل داخليًا لأن وقف الحرب يعني نهاية نفوذ ومكاسب وتمويلات وامتيازات؟

الحقيقة أن السودان اليوم عالق بين أطراف تتحدث عن السلام وتعيش على اقتصاد الحرب.
من يصنع نفوذه بالسلاح لا يثق في طاولة التفاوض، ومن يجني مكاسب من الفوضى لا يريد دولة مستقرة. لذلك فإن الترحيب العاطفي بتصريحات ترامب لا يعني شيئًا إن لم يتحول إلى قرار واضح وشجاع،
وقف إطلاق النار فورًا وبلا مناورات.

أما دون ذلك، فكل هذه البيانات ليست سوى ديكور سياسي فوق واقع دموي يزداد اشتعالًا.
السودانيون لا يحتاجون تصريحات جديدة، بل نهاية حرب دمرت المدن، وشرّدت الملايين، وأسقطت أجيالًا في دوامة اليأس.

إن كان الجميع حقًا مع السلام، فليتوقف القتال الآن.
وإلا فمن يواصل صناعة الح-رب، مهما قال من كلام جميل، لا يضحك إلا على الشعب السوداني ولا يخدع إلا نفسه.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.