أمجد السيد
تستمر الح-رب في السودان كأنها قدر لا فكاك منه، فيما يزداد الإصرار على رفض كل مبادرة لوقفها، وكأن الدعوة للسلام ج-ريمة، وكأن الحل لا يكون إلا بالحسم العسكري. لكن تاريخ السودان السياسي منذ أول رصاصة وحتى اليوم يحدّثنا بوضوح قاطع كل الح-روب الأهلية انتهت إلى طاولة التفاوض، مهما علت الشعارات ومهما تغوّل دعاة الحسم.
غير أنّ المشهد هذه المرة مختلف؛ فوقف الح-رب يعني بالنسبة لمن أشعلوها نهاية النفوذ والسلطة والامتيازات. لذلك يسعون إلى إطالة أمدها باختلاق المبررات وصناعة الأوهام، وبتج-ريم أي صوت يدعو إلى السلام أو يطالب بوقف نزيف البلاد.
وفي جبهات الق-تال، لا جديد سوى الموت. تُستعاد مواقع وتُفقد أخرى، مثلما حدث في أم سيالة وغيرها ولكن الحقيقة اليتيمة، التي لا تحتاج بيانًا هي أن عشرات الشباب يُهدرون بين الاستعادة والانسحاب بلا جدوى، بلا مكسب، بلا أفق.
إنها يوميات الح-رب موت يتكرر، بلا جديد سوى اتساع المقابر وضيق الحياة.
وفي المقابل، يعيش أبناء داعمي الح-رب ومؤيديها في الخارج حياة أخرى تعليمٌ مستقر، صحةٌ متاحة، أمانٌ كامل. بينما يطالبون الشباب داخل السودان بالصمود والق-تال، يكتفون هم بخطابات التحريض وتمويل الكراه-ية عبر الشاشات. يصرّ المتأسلمون على استمرار الح-رب ما دام وقودها ليس أبناؤهم، وما دام الثمن يدفعه غيرهم.
ورغم كل هذا العبث، سنظل ندعو بلا تردد إلى وقف الح-رب، وسندعم كل مبادرة تسعى لحماية ما تبقى من أرواح السودانيين. مسؤولية وقف الح-رب ليست على الأطراف المتحاربة وحدها، بل على كل سوداني وسودانية في الداخل والخارج. فالصمت تواطؤ، ورفض الح-رب موقف أخلاقي ووطني لا يحتمل التردد.
وأخيرًا، خالص الود والمحبة للقراء، الذين تواصلوا مستفسرين عن غياب الكتابات في الأيام الماضية. نكتب لأن الوطن يستحق، ولأن الحقيقة يجب أن تُقال، ولأن صوت الحياة أقوى مهما علا ضجيج الح-رب.

Leave a Reply