الح-رب ليست خيار الأحزاب الديمقراطية… انما هي سقوط مختطفي السلطة في فخ السلاح.

صحيفة الهدف

✍🏽خالد ضياء الدين

   الشاهد أن الأحزاب السياسية حاولت قدر استطاعتها الحؤول دون ولوج الجيش لمعارك عنقودية مدعومًا بحسابات الحقل والبيدر، التي أثبتت عدم دقتها، كذلك الدع-م الس-ريع المستند على ترسانة من المجندين المدربين والمجربين في (حرب اليمن).

• هذا الفشل المزدوج قاد الفصيلين للبحث عن تحالفات داخلية ودعم خارجي، ومن هنا تمددت وانتظمت المليشيات، انتعشت، وتوزعت بين الفريقين، وسمح للأجنبي “الدولي والإقليمي ” للتسلل بدواعي مختلفة، لكنها تصب في مصلحته، حتى أصبح خيار الحرب والسلام مرتبطا بهم أكتر من إرادة المتحاربين!

• واجهت القوى السياسية بعد الحرب وقبلها حملة ممنهجة من التخوين والتشويه، وحملت ما لا تحتمل، وما ليس لها به صلة، من نوع: الح-رب سببها (قحت) كما لو أن لها قدرة على توجيه الجيش أو الدع-م الس-ريع، لصالح خطها السياسي.

• لقد أثبتت الأحزاب السياسية وعيًا منقطع النظير وهي تضغط على جراحها وتتوسط بين القادة العسكريين (باعترافهما)، وتحذرهم من إشعال نار يصعب محاصرتها وإخمادها، وحتى لا تدخل البلاد في ح-رب وصفها جنرالاتها بالعبثية، المنتصر فيها خاسر.

• الأحزاب “الديمقراطية”، انقلب عليها الجنرالات، ومنعت بعد الح-رب من التعبير عن نفسها ورؤيتها الداعية للسلام ورفض الح-رب الداخلية قبل أن تستقطب طامعين دوليين وإقليميين، واختارت عدم الاصطفاف مع البندقية في مواجهة غير متكافئة مع أحلام الشعب، الذي استبيح دمه وماله وشرفه، هُجر وشُرد وغلبه الجوع والمرض.

• قالت الأحزاب لا للموت في وقت امتلأت فيه الشوارع بجثث أبناء الوطن في عز شبابهم، أجساد لم تجد مقبرة فالتهمتها الكلاب والقطط والجرذان.

   قالت الأحزاب لا للح-رب، التي شردت ملايين الناس من ديارهم ووطنهم. نعم للسلام وهي ترصد تنامي خطاب القبلية والعن-صرية والكراه-ية حتى أصبح الق-تل على الهوية الجغرافية والاضطهاد بسبب اللون والانتماء متبادلًا. رفضت كل ذلك فخونت وشوهت، وبكل زيف الدنيا جعلوا من خطابها المتوازن، الذي قصدت منه وقف النزيف، مدعاة لرميها وهي المحصنة بكل الصفات، التي لا تشبهها.

قيل: “الأحزاب تناصر الدع-م الس-ريع”، وقت تحددت فيه معالم طريق الجميع، فمن أراد الاصطفاف مع الدع-م الس-ريع أعلنها وأصبح جزءًا من تحالف تأسيس، ومن أراد الاصطفاف مع الجيش لم يخف موقفه، بل صار بعضهم “بلبوسا” أكثر من البلابسة، وفي الحالتين (البرقص ما بغطي دقنه).

• وفي المقابل هناك أحزاب لم تعلن الحياد بل انحازت تماما للسلام وللشعب المغلوب على أمره، وتبنت إنهاء الح-رب، ولكن هذا الموقف لم يعجب زراع الح-رب من الجانبين، فكل منهم يريد أن يدخل الأحزاب في “فرازة” توزع الناس بين كفتي ميزان تنقصه العدالة، ليرجح بها كفته أو ليغتنمها فرصة للقول: (كلنا شركاء في دمار الوطن)، ولكن وعي الأحزاب الوطنية فوت عليهما هذه الفرصة.

• يبقى الدور المنوط بالقوى السياسية هو عدم الالتفات لخطابات التخوين أو الانشغال بغير الأهداف المعلنة، فإذا اختار قادة العسكر المضي نحو الح-رب والتصعيد، على الأحزاب الوطنية اختيار السلام، وبث الوعي والضغط في اتجاه تحقيقه.

• صامدة وقفت الأحزاب برغم تشريد كادرها وملاحقتهم وتصفية بعضهم واعتقال الآخرين، صامدة في وجه محاولة تبليسها وتلبيسها قميصًا ليس لها ولم تختره.

قادرة بعون الله وبإرادة حقيقية على الانتصار للشعب، فكم من محنة مرت عليها مجتمعة أو فرادًا، إلا وقامت من رماد الحريق لتعلن انتصارها وجماهير الشعب على الديكتاتوريات، برغم الزخم الإعلامي وإنفاق الملايين لتلميع وجه الباطل.

• ستواصل الأحزاب دعمها لخطها المتفق عليه، وهو تحالف غير معلن لكنه أصيل في داخلها، ثابت ومتفق عليه، ويحمل كلمة السر: (الوطن أولا).

  • قد يظن من أعماه رمد الباطل الزهوق، أن دعاة الح-رب هم الأكثر، من شدة الضجيج، ولكن على كل داعية ح-رب أن يعيد حساباته، فالمهاجرون خارج الوطن بالملايين، وكلهم يحلمون بالعودة المرتبطة بوقف الح-رب وإعادة الأمن لمدنهم وقراهم، كذلك هناك ملايين النازحين داخل الوطن، يعيشون أسوأ الأوضاع، يحلمون بمفارقة الخيام وظلال الأشجار.. هم أيضا ينتظرون رفرفة أعلام السلام ليعودوا لمنازلهم، وأما الملايين من الصابرين الصامدين في مناطقهم، الذين تهددهم الح-رب ونراهم حفاة جوعى ينزحون من مدينة مهددة إلى مدينة آمنة، ومن قرية إلى قرية، كلهم ذاقوا الأمرين، كذلك هم في حالة انتظار وترقب لعودة الأمن والسلام.

فقط هناك قلة تمتلك الصوت العالي مدفوع الثمن، وهناك استخدام للتكنولوجيا للسيطرة على “الميديا” لنشر خطاب الح-رب لتفويج المغيبين المستلبين المأخوذين بخطاب الكراه-ية أو الذين ينطلقون من مرارات شخصية.

• بالرغم من التضييق الأمني الذي وصل بالولاة حد إعطاء مهلة 72 ساعة لدعاة السلام من عضوية الأحزاب والثوار لمغادرة الولايات، وتجميد الأرصدة، ومنع استخراج الجوازات، وإعلان قوائم السياسيين، والق-تل تحت عنوان المتعاونيين، ومايقابله في الضفة الأخرى من تضييق وتنكيل وتشريد للسكان، ق-تل وانت-هاكات يندى لها الجبين، برغم ذلك الأحزاب السياسية بما لديها من مضاد حيوي ضد الإصابة بمرض الانهزام، قادرة على مواصلة النضال وتصعيده واختيار أشكاله، وهي تعمل ليل نهار من أجل وقف الح-رب عبر تواصلها مع شعبها، بالداخل والخارج، وتحشيده خلف مصالحه، التي يعلمها ويرضاها، وها هي الآن تأخذ من جرف أعداء السلام حتى تزعزعت إرادتهم وتصدعت أركانهم.

• نجحت الأحزاب في لملمة أطرافها أثناء معركتها السلمية، وفي ذات الوقت نجحت في كسر القيد مستخدمة كل الوسائل الشريفة المتاحة، وها هي الآن تستعد لمرحلة جديدة، تخوضها بأكثر من عنفوان نضالها ضد نظام المخلوع البشير، وانقلاب البرهان حم-يدتي، وستتوج نضالها بخروجها من ظلام الح-رب مثل خرزات “سبحة الفسفور” تضيء في عتمة الليل البهيم.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.