تقرير: خالد ضياء الدين
يشهد جنوب السودان منذ عدة سنوات حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي، مع تحذيرات متكررة من المنظمات الدولية بشأن خطر تجدد الصراع وأزمات إنسانية متفاقمة.
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة ولجنة رصد السلام المشتركة، تعاني عدة مناطق من البلاد، لا سيما ولاية نهر أعالي النيل وأجزاء من أبيي ” المتنازع عليها بين السودان وجمهورية جنوب السودان، وليست تابعة بالكامل لأي منهما. وتقع على الشريط الحدودي بين البلدين ولها وضع إداري خاص”، من انعدام الأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية نتيجة انقطاع خطوط الإمداد وتعدد نقاط التفتيش غير النظامية. وقد حذرت الأمم المتحدة من أن استمرار هذه الظروف يمكن أن يؤدي إلى أزمة إنسانية طاحنة.
من الناحية السياسية، لا تزال الاستحقاقات الدستورية والانتخابات المؤجلة تشكل تحديًا كبيرًا. ويُنظر إلى أن تجميد وعدم الالتزام بتنفيذ بنود اتفاق جوبا للسلام لعام 2018 يساهم في استمرار التوترات بين الأطراف المتنازعة. كما أن الانقسامات القبلية والسياسية، خصوصا بين قبائل الدينكا والنوير والشلك، تزيد من التحديات الأمنية والاشتباكات العسكرية ونشوب صراعات محلية.
على الصعيد الدولي، أعربت إيقاد والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي عن قلقها من إمكانية تمدد صراع واسع النطاق، وحثت الأطراف على الالتزام بالهدنة وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. وفي المقابل، أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية عن إنهاء الحماية المؤقتة للمواطنين الجنوب سودانيين في الولايات المتحدة، مستشهدة بتحسن “نسبي” في الأوضاع الأمنية، رغم الإقرار باستمرار بعض المخاطر.
غير أن الواقع الحقيقي يعكس مخاطر محتملة على الشعب ووحدة البلاد.
الدعوة للسلم يؤدي إلى تحسين وصول المساعدات الإنسانية، وإلى عودة بعض اللاجئين، وبداية إعادة الإعمار مع الحفاظ على وحدة الدولة على المستوى الإداري والسياسي.
أما تجدد الح-رب وتصعيد خطابها والارتهان للحلول الأمنية والعسكرية: يمكن أن يؤدي إلى موجة نزوح جديدة بسبب المواجهات وآثارها الاقتصادية والأمنية، كذلك انهيار الخدمات الأساسية، وزيادة الانقسامات الإقليمية والقبلية، مما يهدد وحدة البلاد على المدى المتوسط.
عليه: تبقى جمهورية جنوب السودان في مفترق طرق بين سلم هش يمضي نحو الفناء، يحتاج إلى دعم سياسي ودولي قوي، واحتمال ح-رب شاملة قد تعيد البلاد إلى مرحلة من الانقسام والنزاع المسلح. وبين هذين السيناريوهين، يبدو جليًا أن إرادة الشعب تميل إلى السلام، مما يمنح الأمل في إمكانية استقرار البلاد إذا تم تنفيذ التزامات السلام وتوفير الدعم الإنساني الضروري، غير أن للسلام مطلوبات قدمتها الحكومة تتمثل في:
• الالتزام بتنفيذ اتفاق جوبا للسلام بما في ذلك دمج القوات المسلحة وإعادة انتشارها.
• حفظ الأمن في المناطق المتأثرة بالنزاعات وتثبيت خطوط الإمداد للسلع والخدمات الأساسية.
• تأجيل الانتخابات مع الحفاظ على الشرعية المؤسسية لضمان الاستقرار السياسي المؤقت.
• تعزيز سيطرة الدولة على المناطق الحدودية لحماية وحدة البلاد.
أيضًا هناك مطالب للمعارضة تمثلت في:
• إشراك المعارضة في الحكومة والسلطات المحلية لضمان تمثيل عادل لجميع الأطراف.
• تسريع إعادة اللاجئين والنازحين وتأمين العودة الطوعية لهم.
• إعادة توزيع الموارد الاقتصادية والسيطرة على المناطق المتأثرة بالنزاعات بطريقة عادلة بين القبائل والمناطق.
• ضمان حماية المدنيين والمجتمع المدني من الانت-هاكات، وفتح آليات للمصالحة والعدالة الانتقالية.
وهناك مطالب المجتمع المدني والمنظمات الدولية:
• ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستمر.
• دعم التعليم والخدمات الصحية في المناطق المتأثرة بالنزاع.
• مراقبة تنفيذ الاتفاقيات وضمان الشفافية والمساءلة.
لو نظرنا إلى المطلوبات المقدمة من الأطراف الثلاثة وتأثيرها على السلام والاستقرار لقادتنا مباشرة للحديث عن دعم تنفيذ اتفاق جوبا والالتزام الحكومي بخفض العنف العسكري وتعزيز وحدة الدولة ومشاركة المعارضة في السلطة لزيادة الشرعية وتقليل الاحتقان السياسي
ودعم المجتمع المدني والمساعدات الإنسانية تحسين الظروف المعيشية وتقليل النزوح، كذلك على المعارضة الالتزام بما يليها من اتفاق وإبداء حرصها على ترك السلاح والاندماج والاستعداد بقبول نتائج الانتخابات كاستحقاق شعبي وسياسي لايقبل النقض، فدولة الجنوب الآن في مفترق طرق بين سلم هش يحتاج إلى تنفيذ صارم للمطلوبات، وخطر ح-رب شاملة قد يعيد البلاد إلى الانقسام المجتمعي.
كل المؤشرات تؤكد أن الإرادة الشعبية تميل للسلام، ما يمنح فرصة حقيقية إذا التزمت الأطراف بمطلوباتها السياسية، العسكرية، والإنسانية.

Leave a Reply