ست النفر عوض عمر
في زمن الح.رب الصعب، حين انقلبت الأحوال وضاقت سبل العيش، وقفت المرأة السودانية بكل قوة وشجاعة. لم تستسلم للظروف، ولم تنتظر المساعدة من أحد، بل حملت الهم على كتفيها ومضت تبني وتعمل وتدعم أسرتها ومجتمعها.
في وقت غابت فيه الدولة، وضعفت الأسواق، وانقطعت الموارد، لم تغب المرأة، بل كانت في الميدان، تدير البيت، وتوفّر، وتبتكر حلولاً جديدة كي تستمر الحياة. لقد جعلت الح.رب الاقتصاد الرسمي ينهار، لكنها في المقابل دفعت النساء لخلق اقتصاد جديد، بسيط لكنه مفعم بالحياة.
في كل حي، في كل سوق، في كل قرية، تجد نساء يبعن الطعام، أو يخطن الملابس، أو يدِرن مشاريع صغيرة من بيوتهن. بعضهن يعملن في التجارة الإلكترونية، وأخريات يطبخن ويوزعن الوجبات، وأخريات يتعاونّ في مشروعات جماعية. هذا كله جعل الناس تواصل وتعيش رغم الصعوبات.
المرأة لم تكن تعمل من أجل المال فقط، بل من أجل الكرامة، ومن أجل أن تحفظ أسرتها من الضياع. حوّلت الاقتصاد إلى وسيلة للتعاون لا للمنافسة، وجعلت السوق مكاناً فيه رحمة وإنسانية، لا مجرد بيع وشراء. وفي وقتٍ فقد فيه الناس الثقة، كانت النساء يُعدن الإحساس بالأمان والخير، لأنهن يعملن بضمير وحب، وهذا في حد ذاته شكل من أشكال المقاومة.
والحقيقة أن المرأة الس.ودانية لم تكن تعمل لنفسها فقط، بل كانت تحمل الوطن في قلبها. حين تطبخ، أو تخيط، أو تبيع، أو تساعد جارتها، فهي تحاول أن تحفظ للحياة نبضها وسط الانهيار. لقد أثبتت المرأة الس.ودانية أن القوة الحقيقية ليست في السلاح، بل في الصبر والإبداع والإصرار. ومن رحم المعاناة خرجت نساء قويات يبنين المستقبل من جديد، ويُعدن الأمل في وطنٍ موجوع.
ودور المرأة لا ينتهي بانتهاء الح.رب، بل يبدأ منها. فبعد الح.رب، لا بد أن يدرك الجميع أن إعادة بناء الوطن لن تتم من دون النساء، فهن الأعرف بمعنى التعب، ومعنى العمل، ومعنى التعاون، وهن القادرات على قيادة مرحلة السلام والبناء. وإن أراد السودان أن ينهض من جديد، فعليه أن يبدأ من المرأة، من بيتها، ومن قدرتها على تحويل الألم إلى طاقة.
ما يحدث في الس.ودان اليوم هو رسالة إلى الأمة العربية كلها: أن المرأة هي أساس الحياة، وهي التي تحفظ المجتمع من الانهيار حين يتكسر كل شيء. وكما صمدت المرأة الس.ودانية، صمدت نساء فلس.طين والعراق واليمن وسوريا؛ ففي كل بلدٍ فيه ح.رب أو ضيق، المرأة هي التي تحمل العبء وتبني بصمتٍ وكرامة.
المرأة الس.ودانية في زمن الح.رب علّمتنا معنى الصبر، ومعنى العمل الشريف، ومعنى أن الحياة يمكن أن تبدأ من أبسط الأشياء. ومن أراد سلاماً حقيقياً وتنمية حقيقية، فعليه أن يبدأ بتمكين النساء ودعمهن واحترام دورهن.
فالمرأة ليست نصف المجتمع فحسب، بل هي قلب المجتمع وروحه، ومن دونها لا قيام لبيت، ولا وطن، ولا حياة.
#ملف_الهدف_الاقتصادي #نساء_السودان #اقتصاد_الصمود #المرأة_والح.رب

Leave a Reply