- تدمير 90% من المصانع و80% من قطاع النفط.. السودان يعيش شللًا إنتاجيًا كاملًا.
- أكثر من 150 ألف ق.تيل وعشرة ملايين نازح ولاجئ… هذه ليست أرقامًا مجردة، بل مأساة وطن بأكمله.
- التعافي الاقتصادي لن يتحقق إلا بوقف الح.رب، واستعادة مؤسسات الدولة، وإعادة الثقة في بيئة الاستثمار الوطني.
في ظلّ واحدة من أعقد الأزمات التي يشهدها السودان منذ استقلاله، تتصدّر الأزمة الاقتصادية مشهد المعاناة اليومية للمواطنين، حيث تسببت الح.رب الدائرة منذ الخامس عشر من أبريل في دمار شامل للبنية التحتية، وتوقف عجلة الإنتاج، وانهيار قيمة العملة الوطنية. ولفهم أبعاد هذا الواقع، أجرى ملف الهدف الاقتصادي حواراً مع د. عصام علي حسين، عضو اللجنة الاقتصادية بحزب البعث العربي الاشتراكي- قطر السودان، الذي قدّم رؤية تحليلية دقيقة لتداعيات الح.رب على القطاعات الاقتصادية والإنتاجية، ورسم صورة قاتمة لكنها واقعية عن حال البلاد، مؤكداً أن إعادة الإعمار تتطلب إرادة سياسية ومشروعًا وطنياً جامعًا يعيد الاقتصاد إلى سكّته الطبيعية.. في هذا الحوار عبر قراءة وتشخيص عميقين لأثر الح.رب على المصانع، الزراعة، المصارف، وحياة الناس، بلغة الأرقام والوقائع، ومن منظور اقتصادي ووطني في آنٍ واحد.
حوار: طارق عبد اللطيف أبو عكرمة
كيف تُقيّمون الآثار الاقتصادية المدمّرة للح.رب على البنية التحتية والإنتاجية؟
من المعلوم بداهةً أن للح.رب آثاراً اقتصادية واجتماعية كارثية على الفرد والمجتمع، إذ تسفر نتائجها المباشرة عن إزهاق الأرواح وتشريد المواطنين وتدمير الاقتصاد والبنية التحتية، وتعطيل عمل المؤسسات الإنتاجية والخدمية، لا سيما الصحية والتعليمية منها.
بيد أن الأهم الخسائر البشرية والاجتماعية التي خلّفتها ح.رب أبريل؟
هذا صحيح، فلقد خلّفت ح.رب الخامس عشر من أبريل آثارًا اقتصادية واجتماعية لا حصر لها، أبرزها الخسائر البشرية التي تُقدّر بأكثر من 150 ألف شخص فقدوا أرواحهم من جرّاءِ الإصابة المباشرة بالمقذوفات والأعيرة النارية، إضافة إلى أضعاف هذا العدد من المصابين والمعاقين، وأكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ بحسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية.
كما أدت الح.رب إلى تدميرٍ واسع للبنية التحتية، على رأسها الطرق والجسور وتعطيل المطارات، وانهيار البنية الخدمية، خاصة في مجالي الصحة والتعليم.
وكيف أثرت الح.رب بشكل مباشر على البنية التحتية الأساسية مثل الطاقة والمياه والإنتاج؟
عملياً انخفضت معدلات توليد الكهرباء، وانقطعت إمدادات المياه في معظم مدن البلاد، فضلًا عن تراجع الإنتاج الصناعي بسبب تدمير المصانع وانهيار القطاع الزراعي.
كما حدث تدمير للمخزون الرأسمالي وهروب لرؤوس الأموال إلى الخارج، ما أدى إلى توقف حركة الصادر، خصوصًا أن مناطق الإنتاج كانت الأكثر تأثرًا بالعمليات الح.ربية.
وما المؤشرات التي يمكن من خلالها قياس التأثير فوراً؟
المؤشرات المباشرة تتجلى في مؤشرات الفقر والتضخم، إذ أن كل ذلك انعكس سلباً على معدلات التضخم والفقر والبطالة، حتى بات أكثر من 25 مليون سوداني مهددين بالمجاعة ونقص الغذاء.
وقد فاقمت هذه المعاناة الأوضاع الاجتماعية والنفسية في البلاد، بينما اتجهت حكومة الأمر الواقع إلى زيادة الإنفاق على الح.رب وتوفير مستلزماتها من أسلحة وعتاد عسكري، بغضّ النظر عن التكلفة الباهظة، في سبيل تحقيق ما تعتبره “النصر المنشود”.
وفقا لقراءاتكم ما أكثر القطاعات الاقتصادية تضرراً، وأيها يحمل فرصاً للصمود والتعافي؟
أغلب القطاعات بلا شك إن لم يكن جميعها، تأثرت بالح.رب بدرجات متفاوتة. فقد دُمّرت البنية التحتية والخدمية وخرجت معظم المؤسسات عن تقديم الخِدْمَات، بما فيها المؤسسات التعليمية والصحية.
كما تعرضت الطرق والجسور وقطاع الكهرباء لتدمير واسع، بعد استهداف مباشر لمحطات التوليد المائية والحرارية والمحولات الرئيسة، وتوقفت محطات ضخ المياه في معظم مدن البلاد. نتيجة لذلك، انخفضت معدلات التوليد إلى أدنى مستوياتها.
هل كان حجم الضرر الذي لحق بالقطاع الصناعي كبيراً؟
نعم.. تعرضت مئات الشركات والمؤسسات التجارية إلى الاحتراق والنهب والتخريب، وشملت استثمارات ضخمة وراسخة.
وتشير تقارير رسمية إلى أن الح.رب أدت إلى تدمير نحو 90% من المصانع، إذ تم تدمير 3493 منشأة صناعية في العاصمة والولايات المتأثرة.
فضلا عن تدمير قطاع النفط بنسبة 80%، وتُقدّر خسائر البلاد فيه بنحو 20 مليار دولار.
وماذا عن القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، وهما من أهم مصادر الدخل؟
للأسف القطاع الزراعي، بشقيه النباتي والحيواني، تقلصت مساحاته المزروعة في القطاعين المروي والتقليدي، وارتفعت تكاليف الإنتاج. فيما تقلصت المراعي بنسبة 65%، وتلوثت أجزاء كبيرة منها بسبب القذائف والانفجارات وزراعة الألغام.
بالتأكيد أمتد أثر الح.رب إلى القطاع المصرفي والاستثماري؟
بالفعل، فالقطاع المصرفي تضرر بشدة، إذ أصبحت العديد من البنوك على وشك الإفلاس نتيجة صعوبة استرداد القروض الممنوحة بعد خسارة المستثمرين لأنشطتهم.
وتآكلت موجودات البنوك المقدّرة بنحو 45 تريليون جنيه، كما خرجت عن الخدمة أكثر من 70% من فروع البنوك العاملة في البلاد.
إضافة إلى ذلك، أثرت عمليات النهب والتدمير على البنية التحتية للمصارف وأفقدتها مبالغ طائلة من الودائع، مما عمّق أزمتها المالية.
أما في قطاع الاستثمار، فتشير التقارير إلى هروب أكثر من 750 مستثمرًا محليًا نقلوا أنشطتهم إلى دول الجوار.
إذن اصبح المواطن محاصر بين الموت بسبب الحرب وبين الحياة الطاحنة؟
هذا مؤكد إذا كان للح.رب تأثيرها على الحياة المعيشية للمواطن السوداني من حيث الأسعار والقدرة الشرائية، فتسببت الح.رب في كارثة إنسانية غير مسبوقة، شملت النزوح الجماعي وتفشي المجاعة وسوء التغذية، وانهيار الخِدْمَات الأساسية كالصحة والتعليم، وتدهور الاقتصاد بشكل حاد.
الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والإنتاج أدى إلى خسائر اقتصادية هائلة، وانهيار قيمة العملة المحلية، وارتفاع حاد في الأسعار، وزيادة معدلات التضخم التي تجاوزت 400%، ما جعل تكلفة المعيشة غير محتملة.
هل صحيح أن الأمر وصل حد المجاعة؟
الحقيقة أن المجاعة أصبحت تهديدًا حقيقيًا لملايين الأشخاص، إذ يواجه 18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، و5 ملايين آخرون على حافة المجاعة، في ظل توقف الإنتاج وفقدان سبل العيش.
وفقد العديد من المواطنين مصادر دخلهم، خاصة في المناطق الريفية التي تعتمد على الزراعة والرعي، مما دفعهم إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية.
كما يعاني المواطنون من انتشار الأمراض الوبائية في ظل تدهور القطاع الصحي وانعدام الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
#ملف_الهدف_الاقتصادي #اقتصاد_السودان #تداعيات_الح.رب #التعافي_الاقتصادي

Leave a Reply