حوار العدد: فاطمة السنوسي لـ”ملف المرأة والمجتمع:

صحيفة الهدف

منتوجي يستحق مكانًا عليًا ليس في خارطة السرد السوداني فحسب بل العربي بصفة عامة

الغربة أخذتني.. ومنحتني رؤية جديدة لجماليات الوطن

أقلامنا التي كانت تكتب بالرحيق صارت تكتب عن الحريق!

فوز ليلى واستيلا.. تكريم للسودان أولاً، وعلينا أن ننبذ التقوقع

أدب المرأة ليس نسوياً.. الأدب فعل إنساني لا جندري

في فضاء القصة القصيرة جدًا، تشع تجربة الكاتبة فاطمة السنوسي بخصوصيتها النابعة من صفاء الوجدان وعمق التأمل الإنساني. وهي صاحبة المجموعة القصصية «قلب من السماء» التي رسخت اسمها ضمن أبرز الأصوات النسائية في السرد السوداني الحديث. من إذاعة صوت الأمة السودانية إلى مهجرها في الولايات المتحدة، ظلت السنوسي تنسج حكاياتها من تفاصيل الحياة، مستلهمة من الوطن جمالياته ومن الغربة دهشتها وحنينها.

في هذا الحوار الذي أجرته معها صحيفة الهدف ضمن #ملف_المرأة_والمجتمع، تتحدث فاطمة السنوسي عن فوز استيلا غايتانو وليلى أبو العلا بجائزة بنتر، وعن المشهد الثقافي الراهن، وتجربتها الإبداعية بين الوطن والمنفى، والحرب والسلام، والإنسان الذي يظل جوهر الأدب الحقيقي في نظرها.

  • ما تعليقك على فوز استيلا غايتانو وليلى أبو العلا بجائزة بنتر مؤخرًا؟ وهل يحمل هذا التكريم مغزى خاصًا للمرأة السودانية المبدعة؟

أولًا، أهنئ الأختين المبدعتين استيلا غايتانو وليلى أبو العلا بهذا الفوز المستحق، فهو تكريم للسودان أولًا، فالوجدان واحد وإن اختلفت الحدود السياسية والجغرافية. هذا الفوز للمرأة السودانية والجنوب سودانية ينبغي أن يكون حافزًا لكل مبدعة على إظهار إبداعها وتسويقه، فهي لا تقل في ملكاتها عن كبار المبدعين في أي مكان من العالم.

  • كيف تقرئين المشهد الثقافي في السنوات الأخيرة؟

هناك زخم وثراء إبداعي كبير يرفد الساحة الثقافية والأدبية بالعديد من الإصدارات، وقد كان للمرأة نصيب وافر من هذا الثراء. نهضة المرأة السودانية بدأت منذ زمن بعيد وازدهرت في ستينات القرن الماضي مع انتشار التعليم والوعي والمشاركة السياسية والمجتمعية، وظهرت رموز نسائية في مجالات متعددة. ما يحدث اليوم في الساحة الأدبية من حضور لافت للمرأة السودانية هو تطور طبيعي لتلك النهضة، ومرحلة متقدمة ستعقبها مراحل أكثر ازدهارًا بإذن الله، بفضل التغيير في المفاهيم والانفتاح على العالم، مما جعل المرأة تنبذ التقوقع وتثبت وجودها بوعيها ومشاركتها الفاعلة في كل المجالات.

  • أين تضعين نفسك في خارطة الإبداع السردي السوداني؟

أرى أن منتوجي يستحق مكانًا عليًا، ليس في خارطة السرد السوداني فحسب، بل العربي بصفة عامة، لأنه رائد في مجال القصة القصيرة جدًا، التي انطلقت من الخرطوم وانتشرت في الوطن العربي. بدأت بنشر نصوصي في منتصف الثمانينات في السودان، وقد أحدثت التجربة الجديدة ضجة كبيرة، ثم عرّف بها الصحفي السوداني المقيم في الإمارات الأستاذ عبدالوهاب أحمد تاج الدين في الصحف الخليجية، ومنها انتشرت التجربة إلى بقية الدول العربية حيث وجدت الاستحسان وصار لها كتاب ونقاد ومسابقات.

  • ماذا أضافت إليك الغربة؟ وما الذي يمكن أن تضيفه تجربة الح.رب إلى منابع الإبداع لديك؟

الغربة تضيف وتأخذ في آنٍ واحد. ارتباطي بالوطن قوي وعميق، وابتعادي عنه يمزقني. أخذتني الغربة من دفء تفاصيل الحياة اليومية لكنها منحتني رؤية جديدة لجماليات الوطن والإنسان السوداني. الغربة منحتني فرصة التعرف على ثقافات متعددة والتعامل معها عن قرب، فألهمتني مواقف صغيرة لكنها غنية بالمعنى. أما تجربة الح.رب، فهي حدٌّ فاصل بين ما قبلها وما بعدها في كل مناحي الحياة. أقلامنا التي كانت تكتب بالرحيق صارت تكتب عن الحريق، عن الشهيد وعن معاناة الإنسان. نحن مطالبون بأن نبشّر بمستقبلٍ أفضل، داخل مثلث حرية، سلام، وعدالة.

  • ما العوامل التي شكّلت فاطمة السنوسي كقاصة؟

يمكنني القول إن العوامل التي أثرت في شخصيتي هي بيئة النشأة، وصفاتي الشخصية، والتعليم، والعمل، والأسفار. نشأتُ في مدينة الحصاحيصا الجميلة، بين النيل وأشجارها الباسقة، وسط أهلٍ متحابين، مما جعلني إنسانة بقلب من السماء كما عنونت كتابي. أما جامعة الخرطوم في السبعينات فكانت في أوج ازدهارها الثقافي والفكري، كما أضاف عملي في إذاعة صوت الأمة السودانية الكثير لتجربتي، حيث أعددت برامج قصيرة مكثفة التكوين. ثم كانت الإقامة في الولايات المتحدة تجربة فريدة علمتني الكثير. لم أتأثر بكتّاب بعينهم كما قال الناقد صلاح سر الختم، فإبداعي نابع من تفاعلات متعددة لا من تقليدٍ أو استنساخ.

  • هل يمكن الحديث عن أدب نسوي سوداني؟

رأيي الثابت أن الأدب فعل إنساني لا يُصنف بالذكورة أو الأنوثة. القلم يعبر عن حياةٍ ومجتمعٍ وأحلام، ولا يهم إن كان في يد رجل أو امرأة. لا أؤمن بجندرة الأدب، فليس هناك أدب نسائي وآخر رجالي، بل أدب إنساني كتبه مبدعون من الجنسين، كلٌّ ينهل من نفس المنبع الإنساني العميق.

#ملف_المرأة_والمجتمع #فاطمة_السنوسي #السرد_السوداني #ادب_المنفى #القصة_القصيرة_جدا #تكريم_السودان

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.