اعتذارك ما بفيدك… والعملتو كان بإيدك

صحيفة الهدف

زاوية مضيئة

بقلم: د/ امتثال بشير

لا يمكن تكون جزء من جهة؛ ومحسوب على قوى تسمي نفسها نظامية؛ وهنا  بنقول؛ “وما أدراك ما نظامية”؛ تقوم تنزل ليك فيديو أو كلمة تحرّض بها ناس على فعل منكر ومجرم ويعاقب عليه بنص القانون، وتجي بعدين تقول “آسف” كأنه الموضوع انتهى، لا لا ما آسفه ولا حاجة؛ هنا بس الاعتذار فقد معناه وقيمته الجميلة _ اللي كلنا بتعرفها وبنعرف محتواها؛ وفي نفس الوقت بتعلي من شأن قائلها _ ولا وجود لصداه اللي الناس مفروض تتلقاه. الاعتذار جميل، لكن هنا ما كفاية ولا مكان لإعماله؛ وما مقبول على الاطلاق؛ لأنه لحظة قلت فيها “سامحوني” كان عندك الفرصة والقدرة على وقف الحاصل أو منعه، لكنك ما وظفتها . التحريض ما لعبة، والتحريض عنده آثار كبيرة — حتى لو الصفحة ثبتت الفيديو أو الكلمة اتحفظت.

في السودان عندنا قانون ومواد بتمنع وتحاسب على فعل التحريض، واللي بيمارسه؛ يعرض نفسه للمسألة القانونية والاجتماعية. هنا، بنتكلّم بلسان أي سوداني بسيط، ونورّي كيف الاعتذار” ما بيصلّح جريمتك والعملتيهو كان بإيدك، والقانون موجود.

التحريض يعني تشجيع أو حثّ أو تحفيز شخص أو مجموعة على أن يفعلوا فعلًا معيّنًا — غالبًا فعل مخالف للقانون أو ضد إنسان أو مجموعة.

الكلام، الفيديو، البلاغ، كله ممكن يكون تحريض لو هدفه دفع للعدوان اوالتجاوز.

لما نشوف فيديو؛  ما بعد أحداث ‎الفاشر المؤلمة، تهنّي فيه مجموعة ارتكبت أفعال  إجرامية في حق مواطنين عزل وتشجعهم على مزيد من “الاعتداء على نساء  شمال السودان”؛ “لتحسين النسل” — حقيقي دي مسألة خطيرة. مش بس من ناحية الأخلاق، مضافا ليها لقانون والمجتمع.

ليه الاعتذار ما بيكفي؟

لأنه الجريمة حصلت بالفعل. الكلمة اتقالت، الفعل قد يقع، والجرح ممكن يتفتّح ويتكرر.

ولأنه المسؤول كان عنده فرصة يمنع، يردع، يوجه بشكل صحيح، لكن ما عمل دا. فالإعتذار مجرد كلام بعد ما الضرر  وقع.

ولانه الاعتذار لو ما حسبوه توبة جدّية ومعالجة للموقف، بيكون مُجرّد “بروفة” للإفلات من العقوبة وميزان العدالة، وقطعا ما بيبدّل الواقع.

نتكلم عن القانون السوداني والقواعد المرتبطة بالتحريض،

حسب وثائق القانون السوداني، في ‎Criminal Act 1991 (المعروف أحياناً بـ”القانون الجنائي لسنة 1991”) موادٌ بتجرم التحريض. مثلاً ورد في أحد التحليلات: “Article 64 of the Criminal Code of 1991 designates the incitement of hatred against or between communities as a punishable criminal offence.”

يعني “المادة 64” مثلاً بتغطي تحريض الكراهية أو العداء بين المجتمعات.

الرسالة موجهة لمن فعل أو ساعد على الفعل.

لو انت أحد المسؤولين أو المؤثرين، واتفاجأت بصوتك صداه بدا يتحرك في اتجاه تحريض – الله لا يسامحك – لازم تتحرّك؛ اعترف أنك أخطأت، لكن ما تقيف عند الاعتراف وبس، بل وضّح موقفك، بادر بالتوقف والتحرّك التصحيحي.

ولا تكتفي بالاعتذار العام، خليك واضح إنك بتراجع نفسك، وإنه ما حيكون نفس الشيء تاني.

مهم جدا؛ تعرفي  إنه الاعتذار ما بيدّيك “غفران تلقائي” و“تحليلك لحرية التحريض” وتلحقيه بالاعتذار؛ ما بحول الشر إلى خير، وما بيمحي السبب طالما اتصرّفتي وفعلك وقع بغض النظر عن إنه اتنفذ او سينفذ لاحقا.

بالبلدي الفصيح؛ “اعتذارك ما بفيدك”.

أخيرا

الكلام موجه لكل الناس – مسؤولين، مؤثرين، جهات إعلامية – إن الكلام ليه وزن كبير. والتحريض قنبلة موقوتة؛ ممكن يشعل العداوات، يفجرّ حمامات الدم، يفرّق المجتمع. والاعتذار بعد الافعال دي؛ لاقيمة له وبيكون مفرغ من محتواه المألوف والمعروف؛ وما كفاية. ولازم الاعتراف يكون مدعوم بفعل حقيقي على أرض الواقع، وبخطوات تصحيح، وتغيّر حقيقية.

القانون وإن غاب حاليا فهو  موجود، والمجتمع بيراقب.

والله في؛ وننتظر عدالة السماء لكل من أجرم في حق البلاد والعباد؛  لن ننسى ولن نغفر

ودي“الكلمة  ال بعد الفعل” لن تمر بدون حساب. فخلي اعتذارك ما يكون مجرد “آسف في فيديو” – بل يكون بداية لتغيير. لأنه في نفوس مريضة بتتلذذ بالموت وفعل المنكر؛ ونرجع ونقول ليك “العملتو كان بإيدك” وما ينفع تطلعي على الملأ وتقولي “سامحوني”.

فعل التحريض اصاب الكل في مقتل؛ وهنا الحقّ مع الجميع؛ ووجبت المطالبة بالمحاسبة الحقيقية _ ولكل من أجرم في حق البلاد والعباد _ ما بس اعتذار. وما ننسى؛ نحن شعب واحد، وكل فرد فينا مسؤول عن امن الآخر.

يا رب السودان يعيش بسلام وعدل، ويحيا شعبه بكرامة.

#اللهم_ احفظ_ العباد _والبلاد

#وطن _ واحد_ شعب _واحد

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.