الكتابة فعل وجودي.. عبرها نحاول أن نفهم ما يحدث لنا رغم العصف!
“الكتابة فعل إنساني يتأسس على الموهبة والرؤية والوعي، لا النوع أو الهوية الجندرية..
ما يهمني هو الصدق والقدرة على ملامسة الوجدان الإنساني.”
حاورها: أسامة عبد الماجد بوب
آن الصافي كاتبة وروائية وإعلامية ومهندسة سودانية، وُلدت في السودان وتقيم بين أبو ظبي وكندا. تخرّجت عام 1996 من جامعة شرق البحر المتوسط بدرجة البكالوريوس في هندسة الكمبيوتر، وعملت في شركة «Lucent Technologies» الأمريكية قبل أن تتفرغ للكتابة والإعلام. وهي من خريجات أكاديمية الشعر في أبو ظبي، وتشغل منصب منسقة ثقافية في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات وعضوًا في مؤسسة بحر الثقافة. أصدرت ثمانية أعمال روائية، من أبرزها «فلك الغواية»، «إنه هو»، و«خبز الغجر»، إلى جانب مؤلفيها الفكريين «الكتابة للمستقبل» بجزأيه.
الكتابة والأنوثة: التجاوز إلى الفعل الإنساني
كيف تقرأين المشهد الثقافي في السنوات الأخيرة وقد توسطته المرأة؟
يمكن قراءة المشهد بوصفه تجليًا لتحول نوعي. المرأة اليوم ليست مجرد صوت يطالب بالمشاركة، بل عنصر فاعل يصوغ الخطاب الثقافي ويعيد تعريف معاني الإبداع. هذا التوسط النسوي للمشهد هو تطور حضاري في البنية الثقافية، حيث أضحت الثقافة أكثر تعددية وثراءً. ومع ذلك، أميل إلى الحديث عن الإبداع الإنساني عموماً، فالموهبة والرؤية الواعية وصقل التجربة هي ما تصنع الإبداع، لا النوع أو التصنيف.
هل من الممكن الحديث عن أدب نسوي سوداني؟
لا أميل إلى تصنيف الأدب إلى “نسوي” أو “ذكوري”، لأن الكتابة في جوهرها فعل إنساني يتأسس على الموهبة والرؤية والوعي، لا على النوع أو الهوية الجندرية. ما يهمني هو الصدق الفني والفكري، والقدرة على ملامسة الوجدان الإنساني. لكن إن استخدمنا مصطلح “الأدب النسوي السوداني” لأغراض بحثية، فيمكن القول إنه يتميّز بخصوصية التجربة المعيشة للمرأة وبجرأته في طرح أسئلة الحرية والعدالة.
الجذور والمنفى: الغربة والحرب
أين تضعين نفسك في خارطة الإبداع السردي السوداني؟
أضع نفسي ضمن جيل يسعى لمدّ الجسور بين الذاكرة والتحوّل، بين الجذور والأسئلة المعاصرة. أكتب من موقع الوعي بالتراث السردي، لكن طموحي يتجه نحو التجريب والانفتاح على الرؤى الإنسانية الكونية. مشروعي يتمثل في بناء نصوص تتجاوز الزمان والمكان، لتوثّق الحاضر وتفتح آفاقًا للتأمل والتغيير.
ماذا أضافت إليك الغربة؟
وماذا قد تضيف تجربة الحرب إلى مصادر إبداعك؟ الغربة أضافت إليّ بُعد النظر، وعلّمتني الإصغاء للذات من مسافة. هي علّمتني أن الهوية ليست مكانًا ثابتاً، بل رحلة ووعي مستمر، وأن الكتابة يمكن أن تكون وطناً موازياً نحتمي به من الفقد والغياب. أما الحرب، فإنها، على قسوتها، توقظ الحس الإنساني العميق، وتعيد ترتيب القيم والمعاني، وتمنح السرد طاقة صدق لا تُستعار. أكتب لأن السرد بالنسبة لي فعل وجودي يحاول أن يفهم ما يحدث لنا، وكيف نظل إنسانيين رغم العصف.
الفوز العالمي: ستيلا وليلى قدوة للمستقبل
ما تعليقك على فوز ستيلا غايتانو وليلى أبو العلا بجائزة بنتر، مؤخراً؟
أبارك للكاتبتين هذا الفوز المستحق، وأراه مؤشرًا مبشّرًا بأن الأصوات المهمشة (نساء، مهاجرات، كتاب من إفريقيا) بدأت تجد منابر دولية تؤمن بقيمة روايتهم وتجربتهم. المبدعتان ليلى وستيلا خير قدوة تحتذى قبل الجوائز وبعدها. وغالباً ما نترقب باهتمام ما بعد الفوز: كيف ستحول الكاتبتان هذا التكريم إلى مبادرات ملموسة في دعم الكتابة والترجمة في السودان وجنوب السودان.
هل يحمل هذا التكريم مغزى خاصاً للمرأة السودانية المبدعة؟
بالتأكيد. فوز ليلى أبو العلا بجائزة PEN Pinter يحمل مغزى خاصًا للمرأة السودانية، إذ يسلط الضوء على قدرتها على الإبداع والتأثير الدولي، ويؤكد على قوة صوتها في التعبير عن التجارب النسائية. إنه تكريم يرفع من مكانة المرأة السودانية المبدعة، ويوفر نموذجًا يحتذى به للجيل الجديد، ويعزز فرص التواصل والنشر دولياً، ويشكّل رمزًا للتمكين والاعتراف بقيمة الكتابة النسائية.
#آن_الصافي #الملف_الثقافي_الهدف #الأدب_السوداني #الكتابة_فعل_وجودي #ليلى_أبو_العلا #ستيلا_غايتانو #جائزة_بنتر #أدب_المهجر# الرواية_السودانية #قضايا_الهوية

Leave a Reply