بقلم/ دوت ميوين ملونق كوال
كاتب ومهتم بالشأن السياسي والاجتماعي في جنوب السودان
في المؤتمر الصحفي الأخير، خرج علينا سفير حكومة بورتسودان في الاتحاد الأوروبي “عبد الباقي حمدان”، محاولاً إقناع العالم بأن ما يجري في الفاشر ليس شأناً سودانياً، بل مؤامرة خارجية.
تصريح مكرر مثل النشيد الوطني في نظام الكيزان محفوظ بالنغمة نفسها والنفاق ذاته. ثم أضاف السفير بوقار مصطنع: “أن هناك خطة لتبديل ديمغرافيا المنطقة”، لكنه نسيّ أن يشرح؛ بواسطة من؟ ولمصلحة من؟ أو ربما خاف أن يقول الحقيقة؛ أن التبديل بدأ فعلاً من المصنع إلى الميدان، ومن الزي العسكري إلى عباءة الواعظ.
الحـ.ـرب في السودان ليست نتاج أجندة خارجية كما يتباكون، بل نتيجة طبيعية لصـ.ـراع المصنع وبضاعته — أولئك الذين صنعوا الإرهـ.ـاب ثم ادّعوا محـ.ـاربته، كيف تبكي من سكينك حين ترى الد.م؟ كيف تصرخ من الخوف وأنت الذي زرعت الرعب في بيتك؟ ثم تتباكى أمام العالم لتدين منتجك الوطني من الفوضى والخراب؟ العالم يعرفكم جيداً؛ يعرف من أين أتيتم، ومتى كذبتم، ولماذا لن تتغيروا أبداً.
منذ انفصال الجنوب، استفاق السودانيون على حقيقة هذه العصابة التي ظنّت أن الله فوّضها للحكم باسم الأكاذيب. كان أول الضحايا أبناء وبنات جنوب السودان؛ من براميل إلى مـ.ـذابح بعضها لم ولن تزول من قلوب الناس في جوبا.
خرجت الجماهير تهتف ضدهم، فظهر البشير — الأب الشرعي للرعب — مدعوماً من جيشٍ ودعمٍ سريعٍ واحد في الهدف، مختلف في الغنيمة، وحين اختلف اللصو.ص، سال الد.م؛ من الخرطوم إلى الجزيرة إلى دارفور، والمجزرة ما زالت تُدار بنظام الحسبة السياسي.
واليوم، بورتسودان تحاول إعلان الحـ.ـرب على العالم بأكمله من نافذة أوروبا، كل من زار الإمارات صار عدوّاً ممولاً، وكل من انتقد صار عميل سفارات، أما احترام العلاقات الدبلوماسية؟ فقد صار عندهم ترفاً خارج المنهج، نظام يعيش على نظرية المؤامرة لأنه فقد القدرة على مواجهة البضاعة.
في دارفور، تحديداً الفاشر، المشهد أكثر فظاعة؛ “مناوي” الذي وعد شعبه بالتحرير، حرّر نفسه من المسؤولية، وسكن فنادق البحر الأحمر، تاركاً أهله بين المـ.ـوت والجوع والحصار ثم الذ.بح، أي نوع من القادة هذا الذي يختار المشويات على حساب شعبه؟ اعتقد إنها سياسة بلا شرف، ودبلوماسية بلا أخلاق، وضمير في غرفة اشبه بالإنعاش.
بورتسودان اليوم ليست حكومة، بل منصة بروباغندا تُدار من تحت الطاولة وبفم مليء بالكذب، ضحكٌ على العالم بأسنانٍ مكسورة، وبياناتٌ لا تقنع حتى كاتبها، فكيف يُصدّق العالم من كذّب على شعبه ثلاثين عاماً ثم جاء يطلب العزاء في جنازته السياسية؟

Leave a Reply