قصيدتان : نحن النور ونحن النهاية ..!! (١)

صحيفة الهدف

نجلاء البحيري

أيعقل أن يركض المرء أميالًا باحثًا عن نفسه وهو في نفس المكان؟

أحيانًا نركض، نغوص في مسافات طويلة، نبحث في كل  الاتجاهات،

عن هويتنا، عن ذاتنا، عن معنى وجودنا،

لنكتشف في النهاية أننا كنا نقف في المكان ذاته، وأن الرحلة الحقيقية كانت داخلنا.

البحث عن الذات ليس دائمًا بالخارج،

بل بالإمعان في أعماق الروح، مواجهة الخوف، التعرف على الألم، والاعتراف بالفرح،

هناك حيث تبدأ الحقيقة، هناك حيث تكمن القوة التي تجعلنا نكون.

الركض في الخارج يعطينا شعورًا بالحركة، بالإنتاج، بالبحث،

لكن السكينة تأتي عندما نتوقف، ننظر بداخلنا، ونفهم أننا كنا دائمًا هنا، نحمل الإجابات، نحمل النور، نحمل الطريق.

وهكذا، قد تكون المسافات التي نقطعها خارجًا مجرد مرآة لمسافات داخلية لم نحسبها بعد،

لتعلمنا أن البحث عن الذات يبدأ حين نتوقف عن الركض بلا وعي،

وحين نختار مواجهة أنفسنا بلا خوف، بلا عذر، بلا تظاهر.

         (٢)

ماذا لو كان النور في آخر النفق مرآة والضوء خلفك؟

كم من مرة ركضنا نحو النور،

ظنّنا أنه النهاية، الحقيقة، الفرج،

لنكتشف لاحقًا أن ما نسعى إليه مجرد انعكاس لأنفسنا، لمخاوفنا، لأحلامنا؟

النور أحيانًا ليس نهاية الطريق،

بل مرآة تضعنا أمام أنفسنا،

تتيح لنا رؤية ما فاتنا، ما أهملناه، ما لم نقدر قيمته،

تذكرنا أننا كنا دائمًا نحمل الضوء معنا،

لكننا لم نعرف كيف نراه، كيف نستخدمه، كيف نعيشه.

هل سيكون الألم عبثًا؟ أم درسًا؟

هل سيكون الطريق الطويل هباءً؟ أم فرصة لنفهم، لنقف، لننظر خلفنا لنرى كل ما تعلمناه؟

وربما، في النهاية، كل الضوء الذي نحلم به،

كل النهايات التي نركض نحوها،

موجودة بالفعل، ولا تحتاج سوى أن نلتفت ونعترف بأننا نحن النور، ونحن النهاية.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.