حماية المستهلك مسؤولية الجميع ودورنا أن نقول الحقيقة للحكومة
خضنا جولات ضد الطفيليين من الرأسمالية المتوحشة وفضحناهم بالحقائق عبر الإعلام
رؤساء نيابة حماية المستهلك واجهوا تدخلات.. ومعظمهم فقدوا مواقعهم نتيجة ضغوط نافذين
حوار: طارق أبو عكرمة – عبد المنعم مختار
في خضمّ الحرب العبثية والمدمرة التي أنهكت السودان وحوّلت الأزمة الاقتصادية إلى كارثة إنسانية، برزت منظمات حماية المستهلك كخط دفاع حيوي وأخير عن حق المواطن في البقاء. القضية لم تعد مجرد ارتفاع أسعار أو غش تجاري، بل صارت متصلة بسلامة الأدوية، وفحص مواد الإغاثة، ومنع الاحتكار في أسواق يغيب عنها دور الدولة.
في هذا السياق، أجرى” الملف الاقتصادي” لصحيفة الهدف حواراً خاصاً مع مدير منظمة حماية المستهلك السودانية، د.ياسر ميرغني، تحدث فيه عن النشأة، التحديات، الإنجازات، ورسالة الجمعية في زمن الحرب. فإى مضابط الحوار:
هل واجهتم مواقف صدامية مع جهات حكومية أخرى (مثل وزارة التجارة أو حكومة الولاية) بسبب قيامكم بدوريات تفتيشية أو فرض غرامات على منشآت تابعة لشخصيات نافذة؟ وكيف تم التعامل مع هذه المواقف؟
ليس للجمعية أي دور تنفيذي؛ ينحصر دورها في توعية المستهلكين وتمثيلهم لدى الجهات الحكومية التي ترغب في سماع حقوق المستهلك.
دور جمعيات حماية المستهلك في كل العالم هو قول الحقيقة للحكومة (Telling Truth to Power).
الحمد لله، الجهات الحكومية في السودان التي كانت تتعامل معنا واعترفت بأن دور الجمعية السودانية لحماية المستهلك مكمل لها، استفادت كثيرًا من سماع رأي خبراء حماية المستهلك، خصوصًا في مجال الدواء والصحة.
أما الجهات التي يسيطر عليها الطفيليون من الرأسمالية المتوحشة، فقد كانت لدينا جولات ومحاكم واعتقالات، وتم التعامل معها بالحقائق وفضحها إعلاميًا عبر مجموعة من الإعلاميين الشرفاء الذين صدقوا دفوعات الجمعية. بل إن معظم رؤساء التحرير كوّنوا مجموعة تحت مسمى “إعلاميون من أجل المستهلك”.
هل اضطررتم في حالات معينة للجوء إلى القضاء لحماية قراراتكم؟ وهل تم الطعن على قرارات المنظمة من قبل تجار أو جهات مؤثرة؟
نعم، لجأنا للقضاء في قضية حفل فرقة طيور الجنة في العام 2013، وكانت أول تجربة للقانون (قانون تنظيم التجارة وحماية المستهلك، ولاية الخرطوم 2012).
لم تشكك أي جهة في نشاطنا ودفاعنا عن المستهلكين إلا وزارة الصناعة في مسألة الزيوت المحوّرة ورفض الوزارة إلزام المصنعين بكتابة ديباجة توضح أن الزيت محوّر.
وقد كتبت الوزارة بيانًا في معظم الصحف في صفحة ملونة، مما دعا الجمعية لفتح بلاغ ضد 19 مصنعًا وضد الأمين العام لمجلس السلامة الأحيائية وضد بنك المال المتحد وضد وزارة الصناعة.
تم القبض عليهم وتحليل الزيت ووجد غير مطابق للمواصفات. تم سحب البلاغ أكثر من مرة بواسطة وزير العدل مولانا محمد بشارة دوسة، وكذلك بواسطة مولانا عوض الحسن النور، والبلاغ منذ العام 2014 إلى الآن موجود في نيابة حماية المستهلك للبيئة والصحة العامة.
برأيكم، إلى أي درجة يمكن أن تصل الضغوط السياسية لإيقاف تحريكم ضد شبكات الاحتكار أو الفساد الكبيرة؟
ظلت الجمعية السودانية لحماية المستهلك تعاني من التدخلات من قبل المتنفذين داخل الجهاز التنفيذي.
وقد ظل رؤساء نيابة حماية المستهلك يعانون من تدخل التنفيذيين، وفقد معظمهم مواقعهم بالنقل إلى مواقع أخرى بسبب تدخل نافذين.
لم يستمر معظم رؤساء النيابات كل فترتهم في نيابة حماية المستهلك والبيئة والصحة العامة إلا بعد أن قابل وفد من الجمعية الوزير أحمد سعد عمر، وزير رئاسة مجلس الوزراء، الذي خاطب وزير العدل ووزير الداخلية بأهمية بقاء رئيس نيابة حماية المستهلك طوال مدته في النيابة، ووقف تدخلات “حملة الأقلام الخضراء” في القرارات الفنية المتعلقة بالمواصفات.
قابلت الجمعية هذا القرار بارتياح كبير، وكانت معظم نجاحات الجمعية في الفترة من 2014 إلى 2019، حيث ظلت مولانا ماجدة الطاهر محمد، رئيسة نيابة حماية المستهلك وقتها، تفتح البلاغات الكبيرة دون خوف أو تردد.
وكانت البلاغات ضد: شركة السكر السودانية (السكر الفاسد)، شركة النيل للأعشاب، مصانع الزيوت المحوّرة (19 مصنعًا)، وزارة الصناعة، وزارة البيئة، بنك المال المتحد، بلاغ الصلصة منتهية الصلاحية، بلاغ المستشفيات الصينية، بلاغ زيوت صافولا، بلاغ ضد مصنع البوهية الذي باع بوهيات منتهية الصلاحية، وكبار رجال الأعمال في قضية المبيدات وشراء الدقيق المدعوم.
وقد شهدت نيابة حماية المستهلك والبيئة حضور كبار المحامين والمستشارين القانونيين ووزراء سابقين وكبار الضباط.
الحمد لله، تم توثيق تجربة حماية المستهلك في كتابين:
-
تناول الكتاب الأول النظرية (الحقوق والمسؤوليات: تجربة الجمعية السودانية لحماية المستهلك)،
-
وتناول الكتاب الثاني التطبيق وأبرز القضايا والمحاكم (حماية المستهلك ليست نزهة).
ما هي رسالتكم الأخيرة للمواطن السوداني الصامد وللتجار؟
شكرًا جزيلًا لأسرة “الهدف الاقتصادي والثقافي” على هذه السانحة.
رسالتي للتجار: من غشنا ليس منا، والتاجر الأمين مع الشهداء والصالحين.
رسالتي للمستهلكين: اعرف حقك، احمِ نفسك، أموالنا حقوقنا، والغالي متروك، وارفع صوتك لسلامتك.
حماية المستهلك مسؤولية الجميع. نحن مجتمع مدني لا يتطلع إلى السلطة، ودورنا ينحصر في قول الحقيقة للحكومات، وإعلاء قيم النزاهة والشفافية والحكم الرشيد، وتسليط الكشافات على أماكن الفساد ومراقبة المنافذ التي قد تكون قابلة للاستغلال.
#الهدف_الاقتصادي
#حماية_المستهلك
#الفساد_الاقتصادي
#الرأسمالية_المتوحشة
#العدالة_الاقتصادية
#الشفافية_والنزاهة
#الاقتصاد_السوداني
#ملف_الملحق_الاقتصادي
#حقوق_المستهلك

Leave a Reply