الأمن الغذائي العربي: السباق نحو الاكتفاء الذاتي

صحيفة الهدف

راما عبدالله
أصبح الأمن الغذائي من أبرز الأولويات الاستراتيجية لدول الشرق الأوسط، نظراً لاعتمادها الكبير على الاستيراد الخارجي لتلبية احتياجاتها الغذائية، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية وتغير المناخ واضطرابات سلاسل الإمداد. وقد أبرزت جائحة “كوفيد-19” والحرب الروسية الأوكرانية والنزاعات الإقليمية أهمية هذا الملف، ما دفع الدول العربية إلى السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية وتعزيز مرونتها الغذائية.

تعتمد دول الخليج على الاستيراد بنسبة تصل إلى نحو 85% من احتياجاتها الغذائية، لكنها نجحت في تقليل المخاطر من خلال استراتيجيات استباقية تضمنت بناء مخزونات استراتيجية، الاستثمار في الزراعة المائية والعمودية، وتعزيز الشراكات مع دول منتجة مثل فيتنام ومصر وصربيا وناميبيا. وفي هذا السياق، تتصدر السعودية والإمارات وقطر سباق الاكتفاء الذاتي، بينما تواجه دول مثل اليمن والسودان وسوريا والمغرب تحديات كبيرة بسبب النزاعات السياسية والاقتصادية والبيئية.

في السعودية، أصبح الأمن الغذائي جزءاً أساسياً من “رؤية 2030″، مع دعم الزراعة الذكية وزيادة الإنتاج المحلي من الحبوب والدواجن وتوسيع الاستثمارات الزراعية الخارجية عبر شركة “سالك”. وفي الإمارات، تشمل الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي عدة مبادرات قصيرة وطويلة المدى، مع التركيز على الزراعة الذكية والعمودية، واستثمارات في شركات متخصصة لضمان الإمدادات الغذائية، إضافة إلى خطة طويلة الأمد لتحقيق مرونة غذائية مستدامة بحلول 2051. أما مصر، فتعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2030، مع زيادة المخزون الاستراتيجي من القمح والسكر وتنفيذ مشاريع استصلاح زراعي واسعة باستخدام تقنيات ري حديثة.

يمثل السودان حالة خاصة، إذ يمتلك أراضٍ خصبة وموارد مائية واسعة، لكنه يواجه تحديات كبيرة مثل ضعف الاستقرار السياسي والصراعات الداخلية وسوء البنية التحتية ونقص التمويل والتغير المناخي والجفاف، ما يجعل جزءاً كبيراً من سكانه يعتمد على المساعدات الغذائية، رغم أنه يظل هدفاً للاستثمارات الزراعية العربية لتأمين محاصيل استراتيجية للأسواق الخليجية.

تلعب الاستثمارات المحلية والخارجية دوراً محورياً في تعزيز الأمن الغذائي العربي، عبر تحسين الإنتاج المحلي، الاستثمار في الأراضي خارج الحدود، وتطوير التكنولوجيا الزراعية بالشراكة مع شركات عالمية وبرامج الأمم المتحدة. وفي هذا السياق، تكتسب الوحدة العربية أهمية اقتصادية استراتيجية، إذ تتيح تكامل الموارد وتوسيع الأسواق الداخلية، ما يجذب الاستثمارات ويحفز الإنتاج المحلي ويقلل الاعتماد على الواردات، مع تعزيز التعاون في الطاقة والزراعة والتجارة والخدمات، وتنسيق السياسات المالية لمواجهة التحديات العالمية وتحقيق التنمية المستدامة.


#ملف_الهدف_الاقتصادي #الأمن_الغذائي_العربي #الاكتفاء_الذاتي #الزراعة_الذكية #التنمية_المستدامة #استثمار_زراعي #الأمن_القومي #سودان #السعودية #الإمارات #مصر #الوحدة_العربية

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.