وُلد أبو بكر خالد مضوي عام 1934 بمنطقة العيلفون، وتلقى تعليمه الأولي بالمدرسة الأميرية ثم الأهلية بأم درمان، قبل أن ينتقل إلى المعهد العلمي القسم الثانوي، وأكمل دراسته الجامعية بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. عمل بعد تخرجه في التدريس بعدد من المدارس السودانية، كما أُنتدب إلى ليبيا في ستينيات القرن الماضي. وكان منزله بحي المسالمة بأم درمان واحةً للأدب والفكر وملتقى للمثقفين والفنانين، وعضوًا مؤسسًا في الندوة الأدبية التي ترأسها عبد الله حاج الأمين. توفي في 21 أغسطس 1976.
يُعد أبو بكر خالد من أبرز رواد القصة والرواية في السودان، أسهم في ترسيخ أسسها الحديثة وتطويرها بأسلوب واقعي متجذر في البيئة السودانية. بدأ شغفه بالأدب باكرًا متأثرًا بالقصص الشعبية والتراث المحلي، وأصدر عام 1949 أول جريدة حائطية بعنوان “حرية الفكر” بمساعدة خاله فؤاد الأمين، ونشر فيها أولى قصصه “ليلة عيد” وهو في الرابعة عشرة من عمره. وفي القاهرة، انفتح على التيارات الفكرية والسياسية العربية والعالمية، وكتب في الصحف المصرية، خاصة جريدة المساء.
أصدر ثلاث روايات هي: “بداية الربيع” (1958)، “النبع المر” (1966)، و”القفز فوق الحائط القصير” (1976)، إضافة إلى مجموعة قصصية بالاشتراك مع الطيب زروق، ومجموعتين أخريين هما “كلاب القرية” (1971) ومجموعة غير معنونة. حظيت أعماله باهتمام واسع من النقاد في مصر والسودان الذين تناولوا تجربته بالدراسة والتحليل، وكتب ما يقارب ثمانين قصة قصيرة نشرت في الصحف والمجلات السودانية والعربية، إلى جانب تمثيليات لإذاعة وادي النيل منها “تاجوج” و”الرهان” و”أشياء صغيرة”، ومشاركات في مؤتمرات الكتاب العرب وكتاب آسيا وإفريقيا.
تناولت أعماله قضايا المجتمع السوداني في فترتي الاستعمار وما بعده، مركزًا على الصراع الاجتماعي والسياسي، ومعاناة الناس من الفقر والجهل والمرض، كما رصد ظواهر مثل الزار والشعوذة والاستغلال الطبقي.
ويرى د. مختار عجوبة أن قصصه الأولى قدّمت تعريفًا دقيقًا بالبيئة السودانية من خلال راوٍ مراقب يتأمل التحولات النفسية والاجتماعية، فيما اعتبر د.سيد حامد النساج أن تأثير نجيب محفوظ عليه واضح في الواقعية، وإن ظل أكثر انشغالًا بتصوير الواقع من بناء المعمار الفني. أما القاص نبيل غالي فوصفه بأنه من أوائل من أسسوا للفن القصصي في السودان، وأن رؤيته تميزت بواقعية عميقة منحازة لقضايا الناس والهوية الوطنية.
تأثر أبو بكر خالد بالفكر الاشتراكي والقومية العربية وثورات التغيير في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، وكان من بين جيل المثقفين السودانيين الذين احتضنتهم القاهرة إلى جانب الطيب زروق، جيلي عبد الرحمن، تاج السر الحسن، محي الدين فارس، محمد الفيتوري، وجعفر سمساعة، فضلًا عن مثقفين عرب من اليمن والجزائر ومصر.
ينتمي أدب أبو بكر خالد إلى مرحلة الحراك السياسي والثقافي التي رافقت حركات التحرر الوطني، حيث التزم الأدباء بنشر الوعي الاجتماعي والدعوة للتغيير. فجاءت أعماله مشبعة بالواقعية والإحساس بالمسؤولية تجاه الإنسان والمجتمع، لتظل حتى اليوم من العلامات المضيئة في مسيرة السرد في السودان.

Leave a Reply