▪️في زمنٍ تَتَعثَّر فيه خُطى الوطن بين ركام الحـ.ـرب العبثية وضيق الأفق في الاصرار على استمرارها، تظلّ لحظات الفرح، حتى لو جاءت مُتواضعة، وميضاً يُذكّرنا بأنّ إرادة الحياة لا تزال تنبض، وأن “الدنيا بخيرا”. من هنا، تتقدّم “الهدف”، بقلوبٍ مفعمة بالتقدير والأمل، بالتهنئة لأبناء وبنات دفعة (24 المؤجّلة) من طلاب الشهادة السودانية، على نجاحهم، ولأُسرهم التي وقفت سنداً في وجه العاصفة، وللمعلمين الذين لم يدخروا ممكنًا. كما نبتهل لله بحظٍ أوفر لأولئك الذين حالت قسوةُ الظروف دون تحقيق ما يصبون إليه، ولأؤلئك الذين لم يتمكنوا من خوض غمارها، فهم لم يخفقوا، بل هم ضحايا زمنٍ اختلّ ميزانُه، بتغليب البعض الاستيلاء على السلطة وحماية المصالح الخاصة والفساد، على المصالح الوطنية ومستقبل الأجيال، وسيُعيدون، ما من شك، الوقوف ما دام الحلم يملأ الفؤاد.
▪️إنّ ما شهدته البلاد من حـ.ـربٍ عبثية، لم تفتك بالبنيان فحسب؛ بل سعت لتـ.ـمزيق نسيجٍ إنساني وروحيّ، انعكس أثره العميق على العملية التربوية والتعليمية برمّتها. في عامٍ دراسي لا يكاد يبلغ ثلاثة أشهر، ووسط مدارسٍ بلا أسوار وبلا مقاعد، وكتبٍ غائبة، وأساتذةٍ هاجروا بين حدودٍ مؤقتة وحدودٍ قسرية؛ خاض طلابنا امتحان الشهادة ليس فقط ورقةً وقلمًا، بل معـ.ـركة بقاء أمام الخـ.ـوف والجوع وصوت المسيّرات وافتقاد الاطمئنان. وكيف لذهنٍ يُطارده أزيز الحـ.ـرب أن يثبت على معادلة أو يحفظ قانوناً؟
▪️لقد أثقلت الحـ.ـربُ كاهل الأسر، حتى أصبح “رقم الجلوس” عبئاً يعجز عنه بيتٌ مثقلٌ بالفقد وبلا مصدر دخل، فكيف لا تنعكس كل تلك المنغصّات على نسب النجاح وتراجع أعداد الجالسين للامتحان؟ بل كيف لا نرى اليوم جيلاً مُراكم الدُفعات، معلَّقاً بين أعوامٍ مبتورة، ومصائرَ مؤجلة؟ جيلٌ يَعبُر مراحل التعليم بلا انتظام، حتى صار العام القادم (2026) بلا شهادة ثانوية واضحة، وذوو الإعادة مؤجّلون حتى 2028، كأنّ الزمن نفسه صار خصماً او بلا معنى.
▪️ورغم هذا كله، تتقدّم بناتُنا الصفوف، وتُثبت المراكز الخارجية تفوقها على المراكز الداخلية، في إشارة بالغة؛ أن المعرفة تُهاجر حيث السلام، وأن العقل لا يزهر إلا في مناخٍ آمن. فالتفوّق هنا ليس تفوّق حالة أو مكان، بل شهادة على خللٍ ما يعتري الوطن.
▪️وإذ نُشارك هذه اللحظة من الفرح النادر، مع طلابنا الناجحين، يتزامن فرحنا مع الذكرى الـ(61) لانتفاضة أكتوبر 1964، تلك الانتفاضة التي علَّمت الشعوب كيف تُسقط السـ.ـلاح بلا رصـ.ـاصة، وكيف تنتصر الكلمة والمواكب الهادرة على الدبابة وعسكرة الحلول. من روح أكتوبر نجدد النداء:
®️أوقفوا هذه الحـ.ـرب التي لا طائل منها.
®️وفروا للأجيال مقعداً للدراسة وفرصة للعمل قبل أن تطلبوا منها الرسوم والاستنفار.
®️وتعالوا أيتها القوى الحية، وطنيين ديمقراطيين وأحراراً، لنصطفّ في جبهة شعبية للديمقراطية والتغيير، تضع حداً لمن يرى في استمرار الحـ.ـرب وسيلة للبقاء، وفي سلام الشعب خطراً، وفي الحلول الوطنية السلمية الديمقراطية مهددًا لأوهام مجدهم الزائف.
فإن لم نحمِ مدارس اليوم؛ لن نجد غداً من يحمل راية السودان وطنًَا للسودانيين كافة، موحدًا مزدهرًا بالوحدة والسلام والتنمية، بالعدالة والمساواة على قاعدة المواطنة متساوية الحقوق والواجبات.
والى الأمام
حزب البعث العربي الاشتراكي
كلمة الهدف
21 اكتوبر 2025

Leave a Reply