حين يصبح الوطن جًرحًا مفتوحًا

صحيفة الهدف

✍️ بقلم: أمجد السيد

لم تعد الحـ.ـرب في السودان حدثًا سياسيًا يُروى، بل صارت مأساة متواصلة تتجدد كل صباح، تُلقي بظلالها على البيوت الخالية، والقلوب التي أنهكها الفقد، والذاكرة التي لم تعد تحتمل صور المـ.ـوت والنزوح والخـ.ـراب.

أصبحنا نحمل الوطن في حقيبة صغيرة، ننتقل به بين حدود الغربة، نحاول أن نُبقي على ما تبقى من ملامحه فينا، بينما تتناسل الأسئلة الموجعة إلى متى يستمر هذا النـ.ـزيف؟ ولأجل ماذا يموت السودانيون كل يوم؟

لم يربح أحد في هذه الحرب.

الجميع خاسرون من حمل السـ.ـلاح، ومن فقد بيته، ومن ودّع أحبته دون وداع. وما بين طلـ.ـقةٍ وصرخة، تتآكل الروح، ويذبل الحلم القديم بوطنٍ يسع الجميع.

لقد سُيّس الموت حتى صار جزءًا من الخطاب، وصار الخراب هو اللغة الوحيدة التي يتقنها المتـ.ـصارعون، بينما الحقيقة البسيطة تظل ماثلة لن يحسم الصـ.ـراع بالبـ.ـندقية، بل بالحوار.

وفي نهاية الطريق، ستلتقي البـ.ـنادق في قاعات التفاوض، حيث لا ينتصر أحد، بل فقط تُحصى الخسائر.

لكن الفقد الإنساني يبقى الأشد إيلامًا.

رحيل الأعزاء طارق ميرغني والدكتور  معاوية الشفيع ليس مجرد فقد لأصدقاء أو رفاق درب، بل هو فقد لجزء من الذاكرة الوطنية التي كانت تؤمن أن الوطن فكرة لا تموت مهما اشتد الخراب.

وفي لحظة الحزن هذه، نرفع أيدينا بالدعاء للرفيق ياسر عوض بعاجل الشفاء، ليعود إلينا شمعة أخرى تضيء هذا الليل الطويل.

لقد علمتنا الحـ. ـرب أن ما يبقى حقًا ليس الانتماء السياسي ولا الانتصار اللحظي، بل ما تبقى هو الإنسان صدقه، عطاؤه، وإيمانه بأن الغد يمكن أن يكون أفضل.

علّنا نفي بواجب الأحياء للأموات أن نواصل الحلم الذي عاشوا لأجله

سلامٌ لأرواحهم، وشفاءٌ لجرحانا، ورحمةٌ لهذا الوطن الذي يستحق الحياة.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.