الماعندو قروش قاري لي شنو

صحيفة الهدف

ا/ علي الدوش

مع بداية انطلاقة العام الدراسي الجديد بالجامعات، تفاجأ أولياء الأمور بارتفاع رسوم الدراسة والتسجيل للطلاب الجدد بزيادة 100%، حيث بلغت رسوم التسجيل والدراسة بجامعة مروي (الحكومة) كلية الطب مبلغ 1000000 ج، أي مليار بالقديم، لينقسم ظهر فرحة الطالب وذويه، تلك الفرحة التي توجت المجهود المضني الذي بُذل في ظروف بلغت دقتها، تحمل ظروف انقطاع الإمداد الكهربائي في صيف كان حارقًا، وهواجس استقبال حمم المسيرات في أي لحظة، كانت من ساعات اليوم خلال نهاره وليله، بما أضفى قلقًا أحد من اتساع دائرة العطاء الأكاديمي، ليُكلل بالنجاح إن لم يكن تفوقًا.

واكتملت النتائج بما شاب إعلانها من قصور مهني لم يُسبقه مثيل في وزارة التعليم العالي طيلة الفترة التي سبقت اندلاع الحرب الملعونة، التي طالت مضاعفاتها السالبة كل مناقب الحياة، بإضافة معاناة خاصة وطئ جمرتها أصحاب الدخل المحدود، الذين نأوا بأنفسهم عن منزلقات التمكين تعففًا وكبرياء.

فها هم خلال هذه الأيام يذهبون إلى إدارات الجامعات ليدفعوا قيمة أعلى ثمن لسلعة التعليم التي أدخلتها سياسة الخصخصة غير المدروسة العواقب، والتي بررها عرّاب سياسة تمكين التعليم الخاص حين قال قولته المحسوبة عليه تاريخيًا على مر الأجيال: (الماعندو قروش قاري لي شنو).

سياسة تسليع التعليم المبتكرة من أجل إرساء دعائم التمكين كانت الخطأ الاستراتيجي في حق الشعب المريد للنماء والتطور عبر نافذة التعليم، حيث إن التعليم يمثل اللبنة الأولى في وضع أسس وقواعد النهضة الحضارية المتحضرة، بالمواكبة لانتقالات العلوم والتكنولوجيا في زمن انصرفت التكنولوجيا إلى التطورات الرقمية التي قفزت بها المجتمعات من حولنا.

ونحن لازلنا ندرس تاريخ الطب وتعاقب الحقب التاريخية ما بين التمجيد والنقد دون أن تكون لنا بصمة في تطورات الراهن من حولنا.

إن من قال قولته المدمرة لمسارات التعليم، يريد أن يحصر التعليم كسلعة استثمارية لها بُعدها الاستراتيجي لدى أبناء من فتح الله عليهم، أو من تمكنوا من امتصاص دم الغلابة، على أن يذهب أبناء كل من غُلب على أمره لحماية مؤسسات المتمكنين عبر نافذة العسكرة، التي لا تحتاج إلى مستويات أكاديمية للولوج في الجيش عبر شهاداتها.

لإنتاج نظام إقطاعي تمقته الرسالة المحمدية، بقول رسولنا الكريم في حديثه الشريف: “الناس سواسية”، وبتشجيعه لطلب العلم حتى ولو في الصين، أو كما قال (ص).

فالتعليم حق للجميع، مما يستدعي تخصيص ميزانيته بما يوازي ميزانية الجيش والصحة،

سيما والسودان بلد الخير، موعود بدوره الريادي في محيطه الإقليمي والدولي.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.