د. إشراقة مصطفى حامد
#ملف_الهدف_الثقافي
الخالة، في سياقات ما مضى، كانت رمزًا للحنان والأمان، الحضن البديل للأم، وذاكرة البيوت المفتوحة على الجيران، وصلة الرحم والرحمة. لكنها خلال ثلاثين عامًا من الخراب، وحكم الإسلامويين، وجنسنة المجتمع المغلّف بحرير الفضيلة، تحوّلت إلى رمز ساخر مشحون بالاشتهاء المقرف والاتهام، بعد أن فُكِّكت القيم الجماعية، وتحول الخطاب إلى مراقبة الأجساد وتأنيث العار.
هكذا انتقلت «الخالة» من موقع الرعاية إلى موقع الإيحاءات الجنسية، في مشهد يفضح عمق التشوّه الأخلاقي الذي أصاب اللغة والمجتمع معًا.
في الفترة الأخيرة، ومن خلال التعليقات المنحدرة في إسفاف إشاراتها، تُستخدم كلمة “خالة” في بعض الخطاب الشعبي السوداني أحيانًا كاختصار جنسي يشير إلى امرأة ناضجة يمكن أن “تمنح نفسها” لشاب أصغر سنًا، وهو استعمال يحمل إهانة واضحة. يُجرِّد هذا الاستخدام المرأة من قيمتها الإنسانية ويختزلها في جسد أو رغبة، مما يعكس نظرة ذكورية تعتبر النضج الأنثوي نقصًا لا اكتمالًا.
هذا الخطاب يُمارس تمييزًا مزدوجًا ضد النساء: لأنه يربط قيمتهن بعمرهن، ولأنه يحوّل الحضور الأنثوي الناضج إلى موضوع للسخرية أو الاشتهاء الحيواني. من منظور نسوي، تمثل هذه اللغة شكلًا من أشكال العنف الرمزي الذي يُحطّ من شأن النساء ويُعيد إنتاج ثقافة الازدراء تجاه أجسادهن ورغباتهن الطبيعية.
هذه “الخالة” من حقها أن تحب وتُحب، وتعيش حياتها دون وصايا.
هذه الخالة ليست مبذولة للغاشي والماشي، ولا للتنمّر والسخف من نوع: “يا خالة ويا ماما…”، ولا أعرف من أين لهم هذه الوقاحة.
ثم بعد: هناك بعض من أشباح (رجال) جلّ تفكيرهم بين الفخذين، ويعتقدون أن كلمة منهم قد تجعل الواحدة تركض خلفهم، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء تهذيبها أو تشذيبها؛ نفسهم اللائمة بالسوء. عليه، الاحترام واجب، وأي قلّة أدب مكان صاحبها “البلوك”، ولكن بعد أن يُلذع وعيه قليلًا، لعلّه يتعلّم.
دعوا الخالات؛ شقيقات الأمهات، في حالهن!
#الخالة_رمز_الحنان
#إشراقة_مصطفى
#الهدف_الثقافي
#النساء_في_الخطاب_الشعبي
#جنسنة_اللغة
#المجتمع_السوداني
#احترام_المرأة
#العنف_الرمزي
#المرأة_واللغة
#ثقافة_الازدراء

Leave a Reply