
د. عصام علي حسين
#ملف_الهدف_الاقتصادي
يُعدّ قطاع الثروة الحيوانية مكوّنًا حيويًا في الاقتصاد السوداني، إذ يسهم بنحو 22% من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من 60% من إجمالي الناتج الزراعي. وحسب إحصاءات عام 2023، قُدّرت أعداد الثروة الحيوانية بنحو 111.8 مليون رأس، منها 41.4 مليون رأس من الأغنام، و32.8 مليون رأس من الماعز، و32.7 مليون رأس من الأبقار، و5 ملايين رأس من الإبل.
وتضع هذه الأرقام السودان ضمن أكبر ثلاث دول إفريقية من حيث إنتاج الثروة الحيوانية.
تكمن أهمية هذا القطاع في توفير فرص العمل وتحقيق الأمن الغذائي، حيث تكتفي البلاد ذاتيًا من اللحوم الحمراء بنسبة 100%، إذ يبلغ الاستهلاك السنوي منها نحو 1.5 مليون طن، بينما يبلغ استهلاك الحليب حوالي 4.5 مليون طن سنويًا.
ويعمل في هذا القطاع قرابة 60% من سكان السودان. ووفق بيانات وزارة الثروة الحيوانية، بلغت قيمة صادراته لعام 2022 نحو 556 مليون دولار (بما في ذلك الحيوانات الحية واللحوم والجلود). ومن بين هذه الصادرات كانت صادرات الأغنام الأعلى بقيمة 226 مليون دولار، تليها الإبل بـ173 مليون دولار، ثم الأبقار بـ46 مليون دولار، والماعز بـ2 مليون دولار، بينما بلغت صادرات اللحوم 101 مليون دولار، والجلود 5 ملايين دولار.
تُعد المملكة العربية السعودية المستورد الرئيسي للضأن السوداني، وهي ثاني أكبر مستورد عالميًا، إذ يورد السودان إليها نحو 5 ملايين رأس من أصل 7 ملايين تُستورد سنويًا.
وفي عام 2022 وحده، بلغت قيمة صادرات السودان من الحيوانات الحية إلى السعودية 228 مليون دولار، تلتها مصر بصادرات بلغت 197 مليون دولار.
كما بلغت صادرات الثروة الحيوانية، خصوصًا الأغنام، نحو 4 مليارات دولار خلال العقد الماضي.
يلعب هذا القطاع دورًا محوريًا في توليد عائدات النقد الأجنبي للدولة، ولهذا السبب اختطفت كيانات مرتبطة سياسيًا وأمنيًا بجهاز الدولة هذه التجارة على مدى العقود الثلاثة لحكم الإنقاذ، حيث كانت السيطرة على تجارة الماشية من أبرز مظاهر الكليبتوقراطية في ذلك العهد، إذ وُجّهت موارد الدولة لصالح النخبة الحاكمة وحلفائها.
استثمرت القوات المسلحة السودانية وقوات الد.عم الس.ريع، إبّان حكم الإنقاذ، موارد مالية كبيرة في تجارة الماشية واللحوم، وأنشأ بعضُها مؤسسات متكاملة للإنتاج، تشمل التسمين والذبح والتصنيع والتصدير.
وجاء انخراط الجيش عبر شركات القطاع العام التي سيطر عليها بالكامل، بينما دخلت قوات الد.عم الس.ريع من خلال شركات خاصة مملوكة لعائلة دقلو.
وبعد اندلاع ال.ح.رب في أبريل 2023، واصلت شركات الجيش تحقيق أرباح ضخمة، فيما تكبّدت استثمارات عائلة دقلو في هذا القطاع خسائر كبيرة.
ورغم نجاح ثورة ديسمبر المجيدة 2018 في إسقاط نظام الإنقاذ، ظلت الدولة العميقة ممسكة بمفاصل الاقتصاد خلال الفترة الانتقالية.
وسعت الشركات العامة التي يسيطر عليها الجيش، وكذلك الشركات الخاصة التابعة لقادة الد.عم الس.ريع، إلى توسيع نفوذها في قطاع الثروة الحيوانية، مستخدمة سلطتها لعرقلة جهود الإصلاح الاقتصادي للحكومة المدنية.
ومع تصاعد تأثير الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة المدنية، قادت القوات المسلحة وقوات الد.عم الس.ريع الانقلاب في 25 أكتوبر 2021، لحماية مصالحها الاقتصادية. وكان التنافس على السيطرة على السلطة والثروة، من خلال الهيمنة على موارد الدولة، عاملًا أساسيًا في اندلاع ال.ح.رب المدمّرة التي بدأت في أبريل 2023 وما زالت مستمرة.
ستتناول هذه السلسلة من المقالات تأثير ال.ح.رب على قطاع الثروة الحيوانية، بما في ذلك التغيّرات في سلاسل التوريد ومسارات النقل، وانعكاساتها على الأسواق المحلية والخارجية والاقتصاد الوطني ككل، إلى جانب تحليل التحديات التي تواجه الشركات الخاصة ومؤسسات القطاع العام، وآليات تدمير هذا القطاع واستغلاله من قبل طرفي النزاع.
#الهدف
#ملف_الهدف_الاقتصادي
#الثروة_الحيوانية
#الاقتصاد_السوداني
#التجارة_الخارجية
#الإنتاج_الزراعي
#الانقلاب_2021
#النزاع_في_السودان
#الصادرات
#الإصلاح_الاقتصادي
#تنمية_مستدامة
#د_عصام_علي_حسين
Leave a Reply