
#الهدف_آراء حرة
م. عبدالمنعم مختار
لم تكن يد أبي لؤلؤة وحدها التي غرزت خنجرها في خاصرة عمر بن الخطاب، ولا سيف ابن ملجم وحده الذي هوى على رأس علي بن أبي طالب، ولا حراب جيش يزيد التي أجهزت على الحسين في كربلاء. تلك الأيادي التي ارتكبت الفعل، كانت أدوات في يد عقول مسخها النفاق، وقلوب عُميت عن العدل باسم الدين والولاء والطاعة.
تاريخ القتلة واحد، وإن اختلفت الأزمنة والرايات. ففي كل حقبة يُولد من يرفع المصحف ليغطي به خيانته، ومن يتوضأ بدم الأبرياء طلباً للسلطة. ولئن كانت كربلاء مسرح الجريمة الأولى، فإن الخرطوم شهدت فصولها الأخيرة بأسماء وأزياء جديدة، ولكن الجوهر ذاته: الاستبداد باسم الله.
إن الذين أيّدوا الإنقاذ في ذروة فسادها، وغضّوا الطرف عن ال قت ل في دارفور، وعن تشريد الملايين وتجويعهم، وباركوا ال ح رب واستمرارها، هم من السلالة نفسها التي صفّقت ليزيد حين رفع رأس الحسين على الرمح. الذين باركوا التمكين ونهب المال العام وتخريب الخدمة المدنية، واعتبروا المحسوبية «تدبيراً إسلامياً»، هم أحفاد أولئك الذين برروا قتل عثمان بلسان الدين. والذين صمتوا عن تحويل الجيش إلى مليشيات تحمي السلطان لا الوطن، هم أبناء من تواطأوا مع ابن ملجم وسكتوا عن سمّ الحسن.
وما زالت فئة من الناس تزين الباطل بألف فتوى وتلفّق له ألف مبرر، يتحدثون عن الشريعة وألسنتهم ملوثة بالزيف، وعن الوطنية وأيديهم غارقة في الدماء والنهب. هؤلاء هم الورثة الحقيقيون لأولئك الذين قتلوا باسم العقيدة، ثم بكوا على المآذن باسم الرحمة.
لكن التاريخ لا يرحم، وعدالة الله لا تسقط بالتقادم. سيظل عمر وعثمان وعلي والحسن والحسين رموزاً للحق والعدل، وستبقى لعنة التاريخ تلاحق قتلتهم القدامى والجدد، من كربلاء إلى الخرطوم.
أما أولئك الذين يظنون أن المكر يُنجيهم، فسينتهون إلى ما انتهى إليه كل طاغية، حين يُسأل:
﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾.
ميزان الله عدل لا يميل، والتاريخ لا ينسى.
Leave a Reply