الماشطة.. شهيدة الزيت المغلي وملكة الثبات

صحيفة الهدف

 ثريا سعد

في قصور فرعون المذهّبة، حيث كان الجبروت يتنفس مع كل نفس، لم يكن لأحد أن يتصور أن خادمة بسيطة تمشط شعر الأميرات ستغدو رمزًا خالدًا للثبات والإيمان.
تلك هي الماشطة، امرأة من عامة الناس، لم تعرف الأضواء ولا المناصب، لكنها كتبت اسمها في سجل الخلود بدمها ودم أبنائها.

بدأت قصتها حين سقط المشط من يدها وهي تزيّن شعر ابنة فرعون، فتمتمت باسم الله. التفتت إليها الصغيرة بدهشة: «ألكِ ربّ غير أبي؟»، فقالت بثبات: «ربي وربكِ الله». لم تحاول المراوغة أو المداراة، بل اختارت أن تواجه الطاغية بصرخة التوحيد.

أُحضرت إلى فرعون، فخيّرها بين الكفر أو العذاب. أراها قِدر الزيت يغلي أمامها، وهدّدها أن تُلقى فيه مع أبنائها. ورغم هول المشهد، ظل قلبها معلقًا بالسماء لا بالأرض. لم يكن الأمر سهلاً؛ فالأم حين ترى أبناءها يُساقون إلى الموت، يتزلزل جبل قلبها. لكنها ثبّتت نفسها، حتى إذا ارتجف قلبها لحظة، أكرمها الله بآية عظيمة: نطق رضيعها من حجرها قائلاً: «اثبتي يا أماه، فإنكِ على الحق».

حينها ابتسمت واندفعت إلى قدر الزيت، لتغدو مثالًا خالدًا على أن المرأة، مهما كان موقعها، تستطيع أن تهزم أعتى الطغاة بإيمانها. لقد اختارت أن تحيا في الآخرة بدل أن تنكسر في الدنيا، وأن تكتب بدمها ملحمةً تتناقلها الأجيال.

قصة الماشطة ليست مجرد مأساة قديمة، بل هي رسالة متجددة: أن الصدق مع الله يهب صاحبه قوة تتجاوز حدود البشر، وأن الثبات على المبدأ أثمن من كل حياة زائلة.
هي خادمة في القصر، لكنها في سجل التاريخ ملكة الثبات.

إنها تُذكّرنا أن المرأة ليست هامشًا في معارك الإيمان والحرية، بل هي قلب المعركة وروحها. ومن بين مشط الشعر والزيت المغلي، ارتفعت الماشطة لتقول للعالم:

إن الحرية الحقيقية لا تُشترى، بل تُنتزع بثمنٍ غالٍ… وأحيانًا بآخر قطرة من الروح.

#المرأة_والمجتمع
#الماشطة
#ثبات_المرأة
#قصص_من_الإيمان
#نساء_خالّدات
#قوة_المرأة
#رموز_الصمود

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.