
م. عبدالمنعم مختار
لم يعد الاغتصاب جريمة فردية معزولة، بل صار في تجارب عديدة سياسة ممنهجة بيد السلطة وأجهزتها القمعية. الأنظمة المستبدة لا تستخدم السلاح فقط، بل تستبيح الأجساد لإذلال الشعوب وكسر إرادتها. وفي السودان، اتخذ الاغتصاب موقعًا صريحًا ضمن أدوات الحكم والقمع.
في دارفور، تواترت شهادات الضحايا والمنظمات الدولية عن الانتهاكات المروّعة، حتى نطق المخلوع عمر البشير بعبارته المشينة: “شرف للدارفورية أن يغتصبها جعلي”، كاشفًا عن عقلية ترى في الجريمة وسيلة للهيمنة وطمس الكرامة. لم يعد الأمر إذًا مجرد أفعال فردية، بل سياسة يُباركها رأس الدولة.
الفنانة صفية إسحق تعرّضت للاغتصاب على يد الأمن بعد احتجاجها الفني، والأدهى والأمرّ أن هذه الجريمة البشعة لم تقف عند النساء فقط؛ فالدكتور فاروق محمد إبراهيم ذاق صنوف التعذيب الجنسي في المعتقل، والجنرال “ود الريح” وغيرهم كثيرون. وفي مشهد فاضح، اعترف أحد أفراد جهاز الأمن في محكمة قتلة الأستاذ أحمد الخير بأن وظيفته الرسمية كانت “مغتصبًا”، وهو اعتراف يكفي وحده لتجريم جهاز بأكمله.
كما شهدت البلاد حوادث متفرقة تثبت أن الجريمة متجذّرة: عاملة اعتُدي عليها من قبل أحد الولاة، وأجنبية اغتصبها دبلوماسي سوداني، وضحايا الحرب في دارفور وكردفان والخرطوم من النساء والرجال على السواء، وجرائم قوات الدعم السريع والمليشيات المتنازعة التي استخدمت الجسد كساحة للصراع. وما حادثة الطفلة التلميذة بمدينة الأبيض إلا جريمة واحدة من عدد لا يُحصى من الجرائم التي آثر ضحاياها الصمت.
إن أخطر ما في هذه الجريمة أنها لا تستهدف الفرد فحسب، بل المجتمع كله. الاغتصاب يزرع الخوف والعار، ويقوّض إمكانات المقاومة، ويعمّق الشرخ النفسي والاجتماعي. وحين يصبح الأفراد مجرد أدوات لإرسال رسالة رعب، فإننا أمام جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
إن الصمت أو التهاون أمام هذه الانتهاكات يمثل خيانة للعدالة والإنسانية. الاغتصاب ليس “عرضًا جانبيًا” للحرب ولا وسيلة عابرة للسلطة، بل هو جريمة كبرى يجب أن يُحاسب مرتكبوها بلا استثناء، وأن يُقدَّم الدعم الكامل للضحايا كي يستعيد المجتمع توازنه وكرامته.
#العدالة_للضحايا
#جرائم_ضد_الإنسانية
#لا_للعنف_الجنسي
#احموا_الأطفال
#السودان
#حقوق_الإنسان
#ملف_المرأة_والمجتمع
#لا_للإفلات_من_العقاب
#صحيفة_الهدف
Leave a Reply