“اعتذارك ما بفيدك.. ما العملته كان بي إيدك”

صحيفة الهدف

أمجد السيد

#آراء_حرة

في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات التي تحاول غسل ماضيها بعبارات الندم، يطلّ المؤتمر الوطني المحلول باعتذار متأخرٍ للشعب السوداني. لكن الاعتذار لا يعيد الأوطان التي احترقت، ولا الأرواح التي أُزهقت، ولا الكرامة التي أُهينت. من أشعل النار لا يطلب الصفح حين يشتد الدخان، بل حين يطفئ الحريق ويعترف بذنبه أمام العدالة.

تابعت كما تابع كثير من السودانيين اللقاء الذي بثته قناة الجزيرة مباشر، وكان أحد أطرافه النعمان عبدالحليم، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني المحلول، وهو يقدّم ما وصفه بـ«اعتذار الحزب للشعب السوداني» عن الأخطاء التي ارتكبها خلال سنوات حكمه الطويلة.

اعتذارٌ جاء بعد أن احترق الوطن، وبعد أن ق.تل الآلاف وشُرّد الملايين في المنافي ومعسكرات النزوح، وبعد أن صار الفقر والمرض عنوان حياة من تبقّى داخل البلاد.

ولعل أكثر ما يثير الغضب أن هذا الاعتذار لم يأتِ يوم كانت الكلمة تنقذ وطناً، ولا حين خرج الشعب في ثورة ديسمبر المجيدة مطالباً بالعدالة والحرية والسلام. لو كان المؤتمر الوطني المحلول صادق النية آنذاك، لوفّر على السودان الدم والدمار والانقلاب والح.رب. لكنهم آثروا طريق المكابرة حتى أوصلوا البلاد إلى هذا الجحيم.

الاعتذار اليوم لا يُجدي، لأنه يأتي بعد فوات الأوان، وبعد أن صار الخراب حقيقة يعيشها الناس لا ذكرى تُروى. ما الذي يعنيه «نعتذر» لمن فقد ابنه أو منزله أو وطنه؟ كيف تُرمّم كلمة واحدة جبال الألم التي صنعوها بقراراتهم وسياساتهم وأيديهم؟

الشعب السوداني لا ينتظر من المؤتمر الوطني المحلول أن يعتذر، بل أن يعترف بمسؤوليته التاريخية والسياسية والأخلاقية عمّا جرى، وأن يُقدَّم من تلطّخت أيديهم بدماء الأبرياء للعدالة. فالاعتذار ليس توبة إعلامية تُقال أمام الكاميرات، بل فعلٌ يُترجم في ساحات القضاء، وفي مراجعة الفكر والسياسة، وفي بناء وطن جديد لا مكان فيه لق.تلة الأمس.

لقد دفع السودان ثمناً باهظاً لسنوات حكم المؤتمر الوطني: دمار في الاقتصاد، انقسام في المجتمع، وح.روب لم تتوقف. فليعلموا أن الاعتذار الحقيقي لا يُقال، بل يُفعل.

أما ما سمعناه، فليس سوى محاولة جديدة لتبرئة الذات من جريمة اسمها تدمير السودان.

#السودان

#المؤتمر_الوطني

#اعتذار_المؤتمر_الوطني

#عدالة_السودان

#ثورة_ديسمبر_المجيدة

#السودان_ينزف

#النعمان_عبدالحليم

#الجزيرة_مباشر

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.