الدولة الوطنية السودانية على حافة الانهيار

صحيفة الهدف

محمد الأمين أبو زيد

يظل سؤال اللحظة التاريخية التي تمر بها بلادنا، هل الدولة الوطنية السودانية بالفعل تواجه خطر الانـ.ـهيار وبأي مستوى؟

وهل من مقومات لتلافي ذلك الانـ.ـهيار وكيف؟ ولعل من المسلّم به أن الدولة السودانية التي ورثناها من الاستعمار لم تعد موجودة أصلاً كواقع جغرافي ولا سياسي، إذ توارت بعد انفصال الجنوب 2011م، ولكن ما تبقى منها هو ما يعني به المقال الذي يفترض أسئلة ويحاول الإجابة عليها من زاوية تحليلية.

إن الدولة تواجه خطر الانـ.ـهيار ولو بدرجات متفاوتة، وتتمثل مظاهر ذلك في:

•تفكك مؤسسات الدولة وتسييسها؛ جيش، شرطة، خدمة مدنية، قضاء، أمن،.. الخ، حيث تنعدم فيها المعايير الوطنية القياسية.

•الحـ.ـرب الداخلية الدائرة منذ أبريل 2023م التي تعكس صـ.راعًا حول السلطة والثروة والنفوذ السياسي.

•الأزمة الاقتصادية والإنسانية وانـ.ـهيار العملة وتوقف الإنتاج ونزوح ولجوء الملايين وانعدام الخدمات.

•تآكل مفهوم السيادة الوطنية بعامل داخلي هو الحـ.ـرب، وخارجي بتكاثف التدخلات الإقليمية والدولية، والعاملين يستندان إلى غياب الإرادة الوطنية.

•التناسل الكثيف للمليشـ ـيات المسلحة هنا وهناك تحت لافتات المـ ـقاومة والدعم والإسناد، ومن المعروف لا توجد بندقية بدون هدف سياسي.

•الانقسام الاجتماعي الحاد وتصاعد خطاب الكراهـ ـية والتمـ ـييز العنـ ـصرى، وتغليب الولاءات القبلية والجهوية على الانتماء الوطني الجامع.

•فشل النخب الوطنية السودانية في بناء مشروع وطني دستوري متفق عليه، وهذا فشل تاريخي ليس وليد اللحظة، ولكن تمظهراته مستمرة منذ الاستقلال.

السودان الآن في مرحلة ما بين الدولة والفوضى، وبالرغم من المخاطر المشار إليها؛ هناك مقومات دولة قائمة ورغبة في الحفاظ على وحدة الدولة بين السودانيين اذا ما توفرت إرادة سـياسـية سـتهـزم

المـ ـخاطر.

العوامل التي يمكن أن تنقذ الدولة السودانية من الانـ ـهيار تتلخص إجمالاً لا تفصيلاً في:

-وقف الحـ. ـرب فورا وإعلان هدنة شاملة وتجميد العمليات العسكرية وحماية المدنيين وحوار بين الأطراف .

-انطلاق عملية سياسية شاملة بمعايير مشاركة متفق عليها لصياغة مشروع وطني دستوري وبناء أسس لدولة مدنية ديموقراطية.

– خروج الجيش والدعـ.م السـ.ريع والمليشـ.يات من معادلة السلطة، وإعادة بناء مؤسّسات الجيش والشرطة والأمن والخدمة المدنية والقضاء على أسس مهنية.

-جذب الدعم الدولي لدعم اقتصادي وإنساني عاجل ومعالجة الانـ.ـهيار المعيشي وإعادة الإعمار، لأن ما حدث من تدمـ.ـير أكبر من قدرات الدولة على مواجهته.

-بناء سياسة خارجية متوازنة مستندة على إرادة سياسية تحمي القرار السياسي الوطني من التدخلات الخارجية.

هذه المؤشرات؛ السلام والمشاركة والاقتصاد والسيادة وإصلاح المؤسسات، هي مفاتيح إنقاذ البلاد من الانهيار.

إذا استمرت الحـ.رب دون تسوية سياسية تؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تعددية؛ فإن سيناريو الانهيار الشامل لا محالة واقع، وقد تتشظى الدولة إلى كيانات جهوية أو إثنية، واذا طال الصـ.ـراع قد تدخل الأمم المتحدة أو الاتحاد الافريقي بشكل أوسع لإدارة الانتقال تحت البند السابع وتوصيف السودان بدولة فاشلة.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.