
أسطول الصمود: مهاجمة الإنسانية
في عرض البحر، حيث يُفترض أن يكون الأفق مفتوحًا للحرية والتنقل الآمن، تحوّل المتوسط إلى مسرح فضيحة إنسانية وقانونية. أربعون قاربًا من “أسطول الصمود” تعرضت لاعتراض واعتقال ناشطين دوليين جاؤوا محمّلين بالغذاء والدواء ورسائل التضامن إلى غزة، فاستُقبلوا بالرصاص والقيود بدلًا من الاحترام والحق في المرور الآمن.
ليست هذه المرة الأولى التي يُستباح فيها البحر، لكن هذه المرة تكمن خطورتها في وضوح المشهد: مياه دولية، مدنيون عُزّل، مهمة إنسانية معلنة، وقوة عسكرية تمارس القرصنة في وضح النهار. القانون الدولي هنا واضح: انتهاك صارخ لقانون البحار وحرية الملاحة، واعتداء على حق الشعوب في التضامن السلمي. ومن زاوية إنسانية، نجد وجوهًا متعبة من ناشطين جاؤوا بضميرهم فوجدوا أنفسهم معتقلين بتهمة إنسانيتهم.
ردود الفعل الدولية من أنقرة إلى باريس، ومن دبلن إلى بروكسل، عبرت عن إدانة وقلق، لكنها وحدها لا تكفي. المسألة أبعد من بيانات دبلوماسية؛ إنها اختبار لجديّة المجتمع الدولي في الدفاع عن القوانين التي وُضعت لحماية الإنسانية من مآسي القرصنة والعدوان.
“أسطول الصمود” لم يكن مجرد محاولة لكسر حصار غزة، بل صرخة رمزية ضد حصار الضمير العالمي، مؤكدًا أن العمل الثقافي والإنساني والسياسي يمكن أن يلتقي في مركب واحد. الثقافة هنا ليست رفاهية، بل سلاح أخلاقي ومعرفي: معركة على حدود المعنى ذاته، وعلى قيمة العدالة والحرية والكرامة الإنسانية.
كلمة النهاية واضحة: من يهاجم أسطول الصمود، يهاجم إنسانيتنا جميعًا.
Leave a Reply