
بقلم: ماجد الغوث
1- اتفاقية أديس أبابا العام 1972:
كانت بين النميري وحركة مسلحة- الأنانيا 2 بقيادة جوزف لاقو – ظهرت في جنوب السودان العام 1972 لإنهاء النزاع المسلح بينهما. أُدرجت نصوصها في دستور السودان، أكدت على الآتي:
أ- حددت الاتفاقية مناطق للحكم الذاتي تشمل مديريات- بحر الغزال، الاستوائية، أعالي النيل.
ب- جعلت الاتفاقية الجنوب إقليماً وأحداً يتمتع بالحكم الذاتي.
ج- اعتمدت الاتفاقية اللغة الإنجليزية كلغة رسمية لجنوب السودان.
د- كفلت حق التعليم والعمل والتجارة وحرية التنقل لكل المقيمين في جنوب السودان .
و- تعديل نصوص الاتفاقية يتم بثلاثة أرباع مجلس الشعب القومي، وموافقة ثلثي مواطني جنوب السودان.
ز- نظمت الاتفاقية مسألة السلطات التشريعية والتنفيذية والقوات المسلحة.
شهد جنوب السودان فترة استقرار استمرت لمدة عقد من الزمان، وتوقفت المعارك العسكرية بين طرفي النزاع. جاء العام 1983، أعلن فيه النميري أن كل السودان دولة إسلامية تخضع للشريعة الإسلامية بما في ذلك جنوب السودان. لم يكن الأمر مفاجئاً للبعث الذي كان يتحسب لهذا الارتداد من بنود الاتفاقية، خاصةً بعد صعود جماعة الأخوان المتأسلمين بزعامة المرحوم حسن الترابي الذي صالح النظام العسكري مع صنوه – المهدي – في بورتسودان العام 1977، واشتركا معاً في مؤسسات النظام بعد أن أديا معاً قسم الولاء والطاعة لأميرهم النميري. وكانت هلوسة الشريعة إحدى محاولات جماعة الأخوان لتزيين عورة نظام مايو الذي بدأ شيوعياً لينتهي في أحضان الأخوان المتأسلمين. أخيراً ألغى الأخوان المتأسلمين بنفوذهم وتأثيرهم على النميري، ألغوا منطقة الحكم الذاتي لجنوب السودان في نفس العام 1983 مما أدى إلى نكث العهود، وتجددت المعارك العسكرية مرةً أخرى، تحت شعارات الجهاد والاستشهاد .
٢- اتفاقية كوكادام العام 1986: في العام 1985 حدثت انتفاضة مارس/ أبريل الشعبية ضد نظام النميري والأخوان المتأسلمين، التي أسقطتهم معاً، وانتزعت بقاياهم من داخل مؤسسات الحكم والدولة. في 20 آذار اتفقت أغلب الأحزاب السياسية الممثلة في التجمع الوطني لإنقاذ السودان- عدا الجبهة القومية المتأسلمة- اتفقت الأحزاب السودانية على وقف المعارك العسكرية التي جددتها قوانين سبتمبر التي شرٌع لها الترابي، والتصالح مع الحركة الشعبية، وقد كان ذلك في أثيوبيا.
ما بعد الاستقلال بستة أعوام، الذي كان العام 1956، ظهرت حركة الأنانيا 1 العام 1963 بمطالبها التي تمثلت في الآتي :
أ- أن الحكومة السودانية تجاهلت مناطق جنوب السودان في التنمية
ب- الحكومة لم تشرك أبناء الجنوب في حكم السودان وإدارة الدولة . انتهت هذه المطالب باتفاقية أديس أبابا – أعلاه – العام 1972 التي منحت الجنوب حكماً ذاتياً، كما مرّ أعلاه. العام 1983 تجدد النزاع العسكري بعد أن ألغى النميري بإيعاز من جماعة الترابي الاتفاقية. ظهرت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة العقيد جون قرنق الذي قاد معارك عسكرية حتى بعد سقوط نميري وجماعته المتأسلمة.
في العام 1986 صعّدت الحركة الشعبية هجماتها وتمددت حتى جنوب كردفان، لكي لا يدلي المواطنون بأصواتهم في صناديق الانتخابات، وقد تم إلغاء الانتخابات في معظم دوائر جنوب السودان، وأُقيمت الانتخابات في شمال السودان التي نتج عنها حكومة برلمانية منتخبة.
ما بعد انتخابات العام 1986 المنقوصة: من غير المنطقي ألا يُعترف بالحكومة من تسبب في نقصان دوائر الانتخاب التي عطلها قرنق .
من هنا قادت الحكومة اتفاق كوكادام العام 1986 من أجل حل مشكلات السودان لأجل وقف إطلاق النار، وقد كانت بنود الاتفاقية:
أ- إلغاء الاتفاقيات العسكرية التي تضعف السيادة الوطنية .
ب- إلغاء قوانين سبتمبر الصادرة في العام 1983 وسائر القوانين المُقيدة للحريات.
ج- رفع حالة الطوارئ .
د- استبدال دستور 1985 الانتقالي، بدستور 1956.
ولكن لم تنفذ الاتفاقية بين الحكومة وحركة قرنق، وقد تخللت تلك الفترة عقبات ومكايدات سياسية كانت من وراءها الحركة المتأسلمة.
٣- اتفاقية الميرغني – قرنق:
العام 1989 تم التوقيع على اتفاقية في أديس أبابا بين الميرغني وقرنق، هذه الاتفاقية التي مهد لها ودفع بها للأمام تيار انتفاضة مارس/ أبريل، بعد تحرير مدينتي الكرمك وقيسان بمساعدة العراق، واللتين سقطتا في يد حركة قرنق.
بعد هذا الانتصار العسكري الحاسم، تغيرت موازين العمل السياسي لصالح المشروع الوطني الخالص، الذي قادته قوى الانتفاضة الحقيقية وفي وسطها حزب البعث، وكانت بنودها:
1- وقف الحرب
2- تنظيم وعقد مؤتمر دستوري لمناقشة أمهات القضايا الوطنية.
3- إلغاء قوانين سبتمبر التي ماطلت في إلغاءها الحكومة بموافقة الحركة المتأسلمة .
4- إلغاء كافة الاتفاقيات العسكرية
5- رفع حالة الطوارئ .
6- وقف إطلاق النار .
للأسف ماطل شركاء الحكم- المهدي، الترابي – في تبني الاتفاق الذي ظلّ حبيس أدراج الحكومة مدة ثمانية أشهر، تهيأةً لانقلاب 30 يونيو عام 1989 الذي دبرته الحركة المتأسلمة، حتى لا تنفذ اتفاقية تيار الانتفاضة، هذا الانقلاب المشؤوم الذي عطّل العمل السياسي الديمقراطي مدة ثلاثة عقود من الزمان، أضاع فيها فرص تاريخية كان من الممكن أن يتقدم فيها الحكم المدني والعمل الديمقراطي والسياسي والنقابي، ويتم اختصار الزمن في البناء والتطور.
4- الاتفاق الإطاري ……
يتبع
Leave a Reply