
بقلم: أحمد مختار
فيضان النيل بات يشكل خطرا كبيراً على السُّودان الذي ظل يُعاني حرب مدمرة منذ 15 ابريل 2023م وقاربت الآن ثلاث سنوات، وقد ارتفعت مناسيب النّيل الأزرق والأبيض، ومن المتوقع أن تصل إلى مستويات قياسية في القريب العاجل. ممّا يؤثر على مجمل حياة مواطني السُّودان، بتدمير الاراضي الزراعية والطُّرق والجسور والسُّدود وتخريب المحاصيل والاقتصاد المحلي المنهك بالحرب وإفرازاتها، وسيؤدي الفيضان المتوقع إلى نزوح جديد للسُّكان وتشريدهم، بما يُضاعف المخاطر الصّحية والاجتماعية والمعيشية والأمنية.
وتقول تقارير إنّ الكميات الواردة من النّيل الأزرق، متوقع أن تبلغ 600 مليون متر مكعب يومياً، نتيجة فتح أربع بوابات مفيض في سد النهضة الأثيوبي الذي أُفتتح مؤخراً، والذي يُشكل تحدياً حقيقياً للسدود السُّودانية، خاصة سد الرّوصيرص الذي أنشيء في العام 1966م ويبلغ إرتفاعه حوالي 68 متراً، ويبلغ طوله 1/400 متر، وصُمم ليتّسع ل لحوالي 7.4 مليار متر مكعب، ومع معدلات الأمطار العالية هذا العام، تزداد خطورة الفيضان.
ففي العام 1925م تم إنشاء خزان سنار على النّيل الأزرق، لتوفير المياه للريّ، وتوليد الطاقة الكهربائية، وفي العام 1937م أُنشيء خزان جبل أولياء على النّيل الأبيض لذات الغرض، وللتّحكم في مياهه، وتوفير مياه للرّي.
وفي العام 1959م_ 1964، أنشيء السّد العالي على نهر النّيل في مصر، كأحد أكبر السّدود في العالم، بهدف التّحكم في فيضان النيل وتوليد الطّاقة الكهربائية وتوفير المياه، وتحمّل السُّودان العبء الأكبر على حساب أراضيه وحضارة شعبه، وبخلاف رغبتهم واستقرارهم.
وفي 2003م_ 2008م تمّ إنشاء سد مروي على نهر النيل، لتوفير المياه، وتوليد الكهرباء وتحسين الاقتصاد المحلي، ورغم كل تلك المشروعات ظلت مياه النيل عبر التاريخ مثار نزاع مستمر بين دول التي تتشارك حوض النيل والممر والمصب، وفشلت كل حكوماتها المتعاقبة في الوصول إلى حلول تحفظ حقوق بلدانها المتشاركة في النيل وروافده، والانتفاع العادل في المياه، الأمر الذي يُرشح الأزمة مع تزايد مخاطر الفيضان لمزيد من التّصعيد والتّوتر، بعد إفتتاح سد النهضة الأثيوبي الأيام الماضية، في ظل عدم رضا بعض دول المنطقة.
إنّ مصلحة شعوب حوض النّيل، خاصة في السُّودان ومصر في التّعاون البناء بين إثيوبيا ومصر والسُّودان، لضمان تشغيل سد النهضة بطريقة آمنة ومتوازنة، تجنب شعوبهم أي كوارث جديدة، والامتثال الصّادق للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأنهار المشتركة، ولقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، حتى لا يُدخل الخلاف القائم الآن المنطقة في حروب جديدة، تُقعِد بالمنطقة وشعوبها التي انتظرت طويلاً، وتدّمر مواردها، بدل الاستفادة القصوى منها في النهضة وتنمية بلدانها التي أرهقتها الحروب والفساد والاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان وفشل الحكومات.
Leave a Reply