
الخرطوم: الهدف
#الهدف_أخبار
حذر عضو قيادة قطر السودان والناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، المهندس عادل خلف الله، من أن حرب السودان، التي دخلت عامها الثالث، أدخلت البلاد في “حلقة مفرغة ثلاثية الأبعاد” من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مما يهدد بـ”كارثة وجودية” للسودان.
وأكد خلف الله في ندوة نظمتها التنسيقية النسوية الموحدة اليوم الأحد 27 يوليو، أن الأزمة الإنسانية في البلاد ليست سوى انعكاس مباشر لـ”انهيار اقتصادي بدأته الحرب وأكملته”، مشيرًا إلى أن السودان تحول إلى “ساحة مفتوحة للمعاناة الإنسانية”. وقدم الناطق باسم البعث أرقامًا صادمة، تفيد بوفاة ما يقارب 150 ألف شخص، وحاجة 30.4 مليون شخص (ثلثي السكان) للمساعدات الإنسانية. كما بلغ عدد النازحين نحو 15 مليونًا، منهم 9.8 مليون نزحوا داخليًا، و3.9 مليون لجأوا إلى دول الجوار، مما يجعل السودان الأول عالميًا في الأزمات الداخلية. مشيرا إلى أن البلاد تواجه أزمة مجاعة غير مسبوقة، حيث يحتاج 24.6 مليون شخص لمساعدات غذائية عاجلة، ويواجه 638 ألفًا خطر الموت جوعًا. بالإضافة إلى ذلك، أشار خلف الله إلى إغلاق 90% من المدارس، مما حرم 19 مليون طفل من التعليم، وتوقع عادل حدوث خسائر مستقبلية تقدر بـ 26 مليار دولار. وقال: اقتصاديًا، فقد الجنيه السوداني أكثر من 400% من قيمته، ووصل التضخم إلى 245% في تقديرات عام 2025، بينما انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 29.4% في 2023، مع توقع انخفاض إضافي بنسبة 13.5% في 2024، ما رفع نسبة الفقر المدقع إلى 71% من السكان.
ودعا خلف الله إلى حلول عاجلة تشمل إعادة بناء سلاسل الإمداد الغذائي، وإطلاق حملة صحية طارئة، وإعادة تأهيل المدارس.
وشدد خلف الله على أن تداعيات الحرب لم تقتصر على الأبعاد الإنسانية والاقتصادية، بل امتدت لتخلق كارثة بيئية صامتة، وصفها خلف الله بأنها “جريمة حرب بيئية تُرتكب بصمت”.
وأوضح أن حرائق المستودعات والمخازن الاستراتيجية تسببت في تلوث الهواء، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أمراض الجهاز التنفسي والجلدية. كما أسهم الاستخدام المفرط للغطاء النباتي والحرائق العشوائية، إضافة إلى تغير المناخ، في تسريع زحف الصحراء.
وحذر خلف الله من أن مناطق واسعة من شمال وشرق السودان تحولت إلى ساحات لتعدين الذهب العشوائي باستخدام السيانيد والزئبق، مما أدى إلى تلوث نهر النيل والمياه الجوفية، وارتفاع معدلات الفشل الكلوي بنسبة 400% في بعض المناطق. وللتعافي البيئي، اقترح خلف الله إنشاء نظام مراقبة بيئية عاجل، وتطبيق برامج إعادة تشجير، وإدخال تقنيات زراعية تتكيف مع التغيرات المناخية.
على الصعيد الاجتماعي، أكد خلف الله أن الحرب “أحدثت شرخًا عميقًا في النسيج الاجتماعي”، وحولت السودان إلى “مختبر للإضعاف المجتمعي”. وتطرق عادل إلى التهجير القسري الذي أدى إلى تفكك آلاف الأسر وظهور أطفال غير مصحوبين، وانتشار العنف الأسري والنفسي. كما أشار إلى تفكك المؤسسات الاجتماعية التقليدية، وغياب دور المرجعيات الأهلية، وتزايد الاحتقان الجهوي والقبلي وخطاب الكراهية. وكشف عن توثيق 221 حالة اغتصاب للأطفال، بمن فيهم رضّع، وارتفاع حاد في العنف ضد النساء والفتيات، مع تدهور كبير في الصحة النفسية للمجتمعات المتضررة بسبب غياب شبه كامل لخدمات الدعم النفسي. ولفت إلى تدمير مواقع التراث الثقافي والمتحف الوطني، مما يهدد هوية الأجيال القادمة.
وأبان عادل ما يعانيه الإعلاميين والقطاع الصحي، حيث فقد 50% من الصحفيين وظائفهم، وقتل 9 منهم، وتدمر 80% من المؤسسات الصحية، مما قلص القدرة على الحصول على الرعاية الصحية إلى 15% فقط. ولإعادة بناء النسيج الاجتماعي، شدد خلف الله على ضرورة تحقيق العدالة الانتقالية، وتطبيق برامج دعم الصحة النفسية، وإعادة فتح التعليم.
في ختام حديثه، لخص المهندس عادل خلف الله الوضع بالقول إن “الحرب في السودان لم تكن محليًة بحتًة، بل تحولت إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي”، داعيًا إلى وقف الحرب فورًا، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، ودعم دولي واسع النطاق لإعادة الإعمار، ومعالجة آثار الحرب على الإنسان والمجتمع. مشددا على أن السودان يواجه “خطر التفكك المجتمعي العميق وتآكل هوية التعايش”، وأن “إعادة البناء يجب أن تبدأ من استعادة الذاكرة المشتركة”.
Leave a Reply