
إعداد: محمد عبد الرحمن”بتصرف”
#ملف_المرأة_والمجتمع
على امتداد الوطن العربي، برزت أسماء نسائية أرست معالم أدب جديد، تجاوز التقاليد السردية وفتح للمرأة نوافذ حرّة على العالم، تناثرت فيها الحكاية، واشتعل فيها السؤال، وتحوّل فيها القلم من أداة للتعبير إلى أداة للتغيير.
لم تكن مسيرة الكاتبة العربية نزهة في دروب مفروشة بالورود، بل كانت معركة ضد التهميش والرقابة، وفي الوقت ذاته تمرينًا طويلًا على المقاومة بالجمال والفكر.
في هذا التقرير، نستعرض مسارات سبع كاتبات عربيات تركن بصمات لا تُمحى في الذاكرة الثقافية العربية، وفتحن طريقًا لمن جئن بعدهن:
1. مي زيادة: صوت الأنثى الذي خرق صمت القرون
ولدت مي زيادة عام 1886 في الناصرة، تحت اسم “ماري إلياس زيادة”، لكنها اختارت لنفسها اسمًا خالدًا في سجل الأدب.
كانت أيقونة النهضة الأدبية النسوية، وصاحبة صالون أدبي فريد اجتمع فيه مفكرو وأدباء عصرها.
كتبت في الصحافة المصرية، ودافعت عن حقوق النساء في التعليم والمساواة، وكان من أبرز أعمالها كتاب “بين الجزر والمد” الذي حمل ملامح تقاطعها العاطفي والفكري مع قضايا الذات والهوية.
2. نازك الملائكة: رائدة الشعر الحر
من بغداد خرج صوت نازك الملائكة (1923–2007)، أول من دشّن تجربة الشعر الحر في قصيدتها الشهيرة “الكوليرا” عام 1947، بحسب العديد من النقاد.
وُلدت في بيت ثقافي، وكانت والدتها شاعرة تكتب باسم مستعار.
جمعت نازك بين رهافة الإحساس ودقة البناء الشعري، لتمنح القصيدة العربية بُعدًا جديدًا يتجاوز الأوزان التقليدية نحو أفق أرحب من التعبير.
3. نوال السعداوي: قلم في وجه السلطة
كاتبة وطبيبة مصرية (1931–2021)، خاضت معارك فكرية وحقوقية كثيرة، ودافعت عن حرية المرأة في الجسد والفكر.
أصدرت ما يزيد على خمسين كتابًا في الرواية والمسرح والسيرة والنقد الاجتماعي.
تميزت كتاباتها بالجرأة والصراحة، وكانت من أوائل من كسروا الصمت حول قضايا مثل ختان الإناث، والتمييز القانوني ضد المرأة، والاستبداد باسم الدين أو التقاليد.
4. آسيا جبار: ذاكرة الجزائر بلغة الآخر
روائية ومفكرة جزائرية وُلدت عام 1936، وتُعد من أبرز كاتبات المغرب العربي. أبدعت باللغة الفرنسية، لكنها كتبت الجزائر بأحبار الذاكرة والمقاومة.
دخلت الأكاديمية الفرنسية كأول عربية، ورُشحت لجائزة نوبل، وتميزت رواياتها مثل “العطش” و”الحب والفانتازيا” بتفكيك الاستعمار والعنف الأسري وواقع المرأة الجزائرية في زمن الحرب.
5. رضوى عاشور: حين يصبح التاريخ أدبًا
رضوى عاشور (1946–2014)، روائية وناقدة وأستاذة جامعية مصرية، تركت إرثًا فنيًا وفكريًا يُعد من الأغنى في السرد العربي الحديث.
أشهر أعمالها رواية “ثلاثية غرناطة” التي استحضرت التاريخ الأندلسي بروح إنسانية، ونسجت فيها سردية الغياب والقهر والمقاومة.
تميّز أدبها بحسّ وطني عالٍ، وقدرة نادرة على المزج بين السياسي والإنساني.
6. غادة السمان: تمرد الحبر على الأقفاص
وُلدت غادة السمان عام 1942 في دمشق، وامتدت تجربتها من القصة القصيرة إلى الرواية والشعر والمقالة، فكوّنت مشروعًا أدبيًا ناضجًا يتمدد على مدى عقود.
بدأت بمجموعتها “عيناك قدري” (1962)، وتابعت بخطاب أنثوي جريء يتجاوز البوح إلى مساءلة الكائن والعالم، وحافظت على حضورها رغم المنفى والظروف السياسية المعقدة في المنطقة.
7. أحلام مستغانمي: صوت جزائري بطعم العشق والخذلان
روائية جزائرية من مواليد 1953، حظيت بجماهيرية عربية قلّ نظيرها، وتعد من أكثر الكاتبات العربيات مبيعًا وتأثيرًا.
روايتها “ذاكرة الجسد” (1993) فُرزت كعلامة سردية جديدة، حيث مزجت بين الحنين الثوري والخذلان العاطفي، بأسلوب لغوي شعري متميز.
نالَت عدة جوائز عربية ودولية، وتم ترجمة أعمالها إلى لغات متعددة.
لم يكن حضور هؤلاء النساء الأدبيّ مجرّد كتابة نصوص، بل كان كتابة حيوات جديدة داخل ثقافة ألفت تهميش النساء.
أبدعن في تفكيك السرديات التقليدية، ومواجهة القوالب الجاهزة، وطرح أسئلة كبرى حول الهوية، الحرية، الوطن، والجندر.
إنهن لا يمثلن جيلًا بعينه، بل يمثلن تيارًا ممتدًا من نساء قررن أن يكتبن لا ليسمعن فقط… بل ليُسمعن.
للكاتبات اللواتي يشعلن الحروف، ويخلخلن المعنى: أنتن ذاكرة لا تنضب، ومرايا لكل من حلم يومًا بكلمة تغيّر
- نقلا عن اليوم السابع”بتصرف”
Leave a Reply