تحقيق “الطلاق تحت النار”يكشف تفاقم معاناة السودانيات في الحصول على “التسريح بالمعروف”

القاهرة: الهدف

#ملف_المرأة_والمجتمع
#الهدف_متابعات

كشف تحقيق موسّع نشرته”اليوم السابع” المصرية، عن تصاعد غير مسبوق في معدلات الطلاق وسط النساء السودانيات منذ اندلاع الح.رب في أبريل 2023، حيث باتت الحرب عاملًا مضاعفًا لمعاناة النساء الراغبات في الانفصال عن أزواجهن، في ظل انهيار المنظومة القضائية، وتفاقم العنف الأسري، وغياب الدعم المجتمعي والقانوني.

التحقيق الذي حمل عنوان “طلاق الحرب.. الفرار من جحيم الزوجية تحت النار”، سلط الضوء على قصص نساء خضن معارك شرسة –قانونية ونفسية– للحصول على حقهن في الطلاق، وسط واقع اجتماعي يرفض فكرة “المرأة المطلقة”، ويحمّلها عبء الانفصال، حتى وإن كانت ضحية العنف أو الاستغلال أو الانهيار المعيشي.

“الوصمة” تطارد النساء
المحامية السودانية أنديرا الأمين، التي تقدم استشارات قانونية للنساء من مقر إقامتها في القاهرة، وصفت “وصمة المطلقة” بأنها الهاجس الأكبر الذي يلاحق النساء السودانيات، مشيرة إلى حالات انتهت بانتحار سيدات لم يجدن سبيلًا للخلاص من القهر المجتمعي والخذلان الأسري.

وأكدت أنديرا أن الحرب شلّت تمامًا عمل المحاكم، ما جعل تنفيذ الأحكام، خاصة في قضايا الطلاق والنفقة، مهمة شبه مستحيلة. كما أن تزايد زواج القاصرات، بدافع الخوف من الاغتصاب أو الفقر، أسهم في رفع معدلات الطلاق لاحقًا، حيث يُعاد هؤلاء “الأطفال المطلقات” إلى أسرهن مثقلات بعبء التجربة وبدون حقوق.

أرقام صادمة وحكايات موجعة
بحسب تقارير السلطة القضائية السودانية وفقا للتحقيق، ارتفعت حالات الطلاق بنسبة 30% خلال العام الأول للحرب، حيث تم تسجيل أكثر من 96 ألف حالة طلاق عام 2023، مقارنة بـ70 ألفًا في العام السابق. التحقيق وثّق شهادات نساء طاردتهن الحرب داخل البيوت، إما من خلال عنف أزواجهن، أو بسبب انهيار العلاقة تحت وطأة النزوح، أو تدخّل الأسر الممتدة في حياة اللاجئين بالخارج.

الطلاق في المنفى
التحقيق أضاء أيضًا على واقع اللاجئات السودانيات في دول الجوار، لا سيما مصر، حيث كشفت المحامي أشرف ميلاد عن عوائق قانونية تحول دون تمكين النساء من رفع دعاوى الطلاق، في ظل غياب الوثائق الرسمية، وتعقيدات استخراج التوكيلات، وربط الإجراءات بالإقامة القانونية.

المرأة.. الحلقة الأضعف
فاطمة سمهن، رئيسة منظمة “زينب لتطوير وتنمية المرأة”، أكدت أن النساء يتحملن العبء الأكبر من تبعات الحرب والنزوح والفقد الاقتصادي، مضيفة أن كثيرًا من حالات الطلاق تعود إلى غياب الخصوصية في مساكن اللاجئين، أو إلى زواج القاصرات الذي عاد للانتشار بعد أن بدأ في التراجع قبل الحرب.

دعوة لإصلاح قانوني ومجتمعي
الباحثة الاجتماعية ثريا إبراهيم دعت إلى مراجعة جذرية للعادات والتقاليد السائدة، مؤكدة أن غياب التثقيف الأسري، والتدخلات السلبية للأهل، وعدم تمكين النساء اقتصاديًا، كلها عوامل تغذي ظاهرة الطلاق المأساوي، داعية إلى تبني مفهوم “الطلاق الآمن” كخيار يحمي النساء بدل أن يدفعهن نحو العزلة أو الانتحار.

التحقيق خلص إلى أن النساء السودانيات اليوم يواجهن معركة مركّبة من أجل نيل حريتهن: طلاق من زوج مسيء، وانفصال عن منظومة قانونية عاجزة، وتمرّد على مجتمع يرى في “المطلقة” نقيصة، لا ضحية.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.