القبيلة في السودان كيان سياسي أم اجتماعي؟

بقلم: د. أحمد بابكر
#ملف_الهدف_الثقافي
معروف أن القبيلة هي كيان اجتماعي، وهي مرحلة من مراحل تطور المجتمعات، ولكنها ليست وحدة سياسية، ولو أصبحت وحدة سياسية يجب أن يكون شيخ القبيلة أو الشرتاي أو المك أو الناظر هو، الذي يمثل القبيلة سياسيًا..
المدهش أن الحركة الإسلامية، التي تتحدث عن الأمة الإسلامية ودولة الخلافة وأن الانتماء فقط هو للإسلام، وبدل أن تشد المجتمعات من القبلية والجهوية نحو الانتماء الأكبر وهو الوطنية أو مايسميه البعض بالمواطنية ودولة المواطنة كمرحلة أولى نحو دولة الخلافة جعلت من القبيلة وحدة سياسية وفي النهاية حولت البلاد من دولة الشعب إلى دولة القبائل بملاي.شها وحدود أراضيها وولاياتها وووالخ…
وهذا الأمر غير مستغرب من الحركة الإسلامية لأنها لا تمتلك مشروعًا فكريًا وسياسيًا، وإنما مجرد شعارات تنفع للتعبئة أثناء الحروب ولكن غير ناجعة لتطوير وبناء الدول والمجتمعات، ولذلك عند استلامها السلطة انكشفت أن كل همها ومازال هو السلطة، ولذلك وجدت الحركة الإسلامية في ترسيخ القبلية والجهوية أحد عناصر تفتيت المجتمعات وإضعافها مما يسمح لها بالاستمرار في السلطة لأكبر فترة ممكنة وهذا في الأصل أحد أدوات الحركة في الاستمرار.. إضعاف المجتمعات.. إضعاف الأحزاب.. إضعاف مؤسسات الدولة المدنية إضعاف الجيش وووالخ ..
لكن الأكثر ادهاشًا هم دعاة السودان الجديد، ولأول وهلة عندما تسمع كلمة جديد، يتبادر إليك مفاهيم مثل الحداثة ودولة المواطنة والديمقراطية وهي مصطلحات متجاوزة للقبيلة، ولكن في الواقع تجد أن الطرح ينسجم مع طرح الحركة الإسلامية، فالحركة الشعبية هي أكبر نموذج متبني لهذا الطرح وكل الحركات المسلحة، تعتمد بشكل أساسي في تكوينها على القبيلة..
ولكي تهرب من دمغها بالتخلف والقبلية فهي تعطي القبائل صفة الشعوب، شعب الدينكا.. شعب النوير. شعب النوبة، شعب المساليت، شعب الفور، شعب الزغاوة، في أكبر انتكاسة فكرية، متناقضة مع مفهوم وحدة الدولة، لأنه بالأساس مفهوم تفتيتي، وأكثر من ذلك فهو يتعامل مع القبيلة ككيان سياسي وبدل أن تكون هناك أحزاب وهي جزء من تكوين الدولة الوطنية الحديثة يتم استبدالها بكيانات قبلية في أنصع صورة لترسيخ قيم التخلف وكذلك في تجلي صارخ لمعاداة مفهوم المواطنة لأن الثقل القبلي هو، الذي سيحدد حقوق الناس في تناقض صارخ مع ما يطرح عن حقوق المواطنة المتساوية..
إذا دعاة السودان الجديد يتحدثون عن دولة المواطنة▪️ والحداثة استنادًا على أدوات متخلفة وهذا لا يستقيم…
لذلك لا غرو أن يتفق الاثنان الحركة الإسلامية والحركة الشعبية الأم في تقسيم البلاد ومازال الحبل على الجرار…
ملحوظة : ما دفعني لكتابة هذا الكلام إنيِّ قرأت لأحدهم أن موقف قبيلة المساليت في هذه الحرب أضاع حقوقها!!!!!!!!
السؤال : هل دولة المواطنة تعني أن هناك موقف سياسي للقبيلة ينسحب على كل من ينتمي إليها؟
إذن أين الحريات الشخصية ؟
السودان يعيش في مأزق كبير أدخلته فيه مثل هذه الأطروحات، التي تعمل على ارجاع الناس لمكوناتهم الأولية بدل التقدم نحو مستوى اجتماعي متقدم متجاوز للقبيلة..
هناك تناقض محير يتحدثون عن حرية الاعتقاد وفي نفس الوقت عن حق القبيلة/الشعب..
التناقض أن حرية الاعتقاد مفهوم ليبرالي متجاوز للأطر أيا كانت وتؤسس للحرية الفردية، ولكن القبلية تؤمن بالعقل الجمعي ولا مكان فيها للفردية أو الفردانية..
وهناك الكثير، الذي يمكن أن يقال..
تحياتي

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.