جمهورية المؤسسات الديمقراطية القوية لا سلطة مسكونة بتجميع السلط

يُحيي البعثيون في تونس، بكل اعتزاز، الذكرى التاسعة والستين لعيد الجمهورية، الموافق ليوم 25 جويلية 2025، هذه الذكرى التي أفرغتها المنظومة البورقيبية/النوفمبرية من أي مضمون وطني، وجعلت منها ومن كل الأعياد الوطنية حدثا يصنعه الزعيم وحده… ثم همشتها الترويكا وشركاؤها، حتى كأنها حدث عرضي لا أهمية له!!!

يحتفل البعثيون في تونس اليوم بهذه الذكرى،  وهي مناسبة يستحضرون فيها نضالات الشعب التونسي ضد الاستعمار والتخلص من نظام البايات الذين هيئوا له احتلال بلادنا، حماية لعروشهم. ونحيي بهذه المناسبة، تضحيات أجيال متعاقبة من أبناء شعبنا، آمنت بأن السيادة الوطنية لا تُمنح، بل تُنتزع بالنضال والتفاني في خدمة الوطن.

لقد مثّل عيد الجمهورية، لحظة تأسيسية لتونس الحديثة، ومبعث أمل لبناء دولة القانون والمؤسسات، دولة الكرامة والمواطنة والمساواة.

إننا في حزب البعث، إذ نُثمّن هذا الإرث الوطني العظيم، نؤكد التزامنا بمواصلة الدفاع عن قيم الجمهورية، وعن مكاسب الدولة الوطنية، وعن الحرية والتنمية المتوازنة الشاملة والعدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص.

نحتفل بهذه الذكرى ولا نأبه بأي توظيف أو شخصنة… فعيد الجمهورية ليس إجراءات 25 جويلية 2021…

غير أن الواقع الذي تعيشه بلادنا اليوم يدعونا إلى وقفة تأمل ومصارحة. فالاستقلال السياسي، وإن تحقق منذ عقود، فإنه لم يحقق البعد المتصل به على مستوى التنمية والرفاه، والاستقلال الاقتصادي والاجتماعي ما زال منقوصًا، بل إن الاختيارات الحكومية الأخيرة زادت من تعميق الفجوة بين الدولة والمواطن، وفاقمت منسوب الإحباط واللايقين، خصوصًا في صفوف الشباب والطبقات الوسطى.

وقد عبر حزبنا في الإبان عن رفضه للسياسات الانفرادية، وغياب الحوار الاجتماعي الجدي، وتراجع منسوب الشفافية، في وقت تحتاج فيه تونس إلى وحدة وطنية حقيقية، وإلى خطط واقعية لإصلاح الاقتصاد، وإنقاذ المؤسسات العمومية، والتصدي لأزمة المديونية والتشغيل والتضخم.

إنّ تونس اليوم في حاجة إلى تصحيح المسار، لا إلى مواصلة التردد، والدوران في حلقة مفرغة من الشعارات دون فعل. وفي حاجة إلى دولة قوية بمؤسساتها، لا سلطة مسكونة بتجميع السلط.

وبهذه المناسبة، يدعو حزبنا كافة قوى المعارضة الوطنية، من خارج منظومة الحكم السابقة، إلى التفكير بشجاعة خارج قاموس الموالاة والتخوين،  إلى استعادة روح 25 جويلية، لا كشعار، بل كمشروع إنقاذ وطني حقيقي، يُعيد الأمل للتونسيين، ويُؤسس لحكم رشيد، يقوم على الكفاءة والرقابة والمساءلة، والمحاسبة، من خان، يجب أن يُحاسب. ومن تواطأ، يجب أن يُكشَف. والتفكير في مستقبل البلاد لا يكون بالغضب… بل بالمسؤولية والصدق.

نحن مع المحاسبة ولكن من داخل دولة عادلة، لا من وسط حملات سبّ وشتم لا تصنع إلا الخراب.

تتزامن ذكرى عيد الجمهورية هذه السنة مع اشتداد الهجمة الصهيونية على الشعب العربي في فلسطين، وخاصة سكان قطاع غزة الصامدون، حيث يواجه الشعب حرب محو وإبادة ممنهجة وسط خذلان عربي يرقى إلى التواطؤ والخيانة، وصمت دولي مخزٍ…

وإننا نؤكد أن الوقوف مع غزة ليس ترفًا سياسيًا، بل واجب وطني وقومي وأخلاقي. وندعو الشعب التونسي بكافة مكوناته إلى مواصلة التضامن الفعلي والميداني مع فلسطين، ورفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.

وبهذه المناسبة أيضا نحذّر، من مظاهر التغلغل الشعوبي الفارسي بغلاف طائفي، في النسيج الاجتماعي والديني لتونس، والتي تتخذ طابعًا دعويًا وثقافيًا خطيرًا. وندعو السلطة إلى التعامل الجدي مع هذه الظاهرة، وقطع الطريق أمام أية مشاريع توسعية تستهدف وحدة المجتمع وهويته الحضارية العربية الإسلامية.

عاشت تونس حرّة، مستقلّة، منيعة بإرادة شعبها، ومُحصّنة بمؤسساتها الديمقراطية.

حزب البعث العربي الإشتراكي-تونس

25 جويلية 2025

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.